(وَخص اله الْعَرْش أفضل خلقه ... نَبيا عُلُوم الْخلق من فيض علياه)
(مُحَمَّد الْمُخْتَار مفزع أمننا ... بدنيا وَأُخْرَى فَهُوَ ركن عهدناه)
(بِأَفْضَل تَسْلِيم وأزكى تَحِيَّة ... وَآل وَصَحب مَا حَدِيث روينَاهُ)
وَمن خطه نقلت لَهُ أَيْضا قَوْله
(لَا تسأ من بِحمْل الْعلم من كتب ... فالعلم أنفس شئ أَنْت حامله)
فَأَجَابَهُ مجيزا لهَذَا الْبَيْت الشَّمْس مُحَمَّد الفرفورى فَقَالَ
(وانقل لصدرك مَا أودعت من كتب ... يرحك عَن حملهَا مَا أَنْت ناقله)
وَكتب من خطه أَيْضا قَوْله
(أحسن برأى امْرِئ عد الكفاف غنى ... مُجَردا لَهُم فى دَار يعادلها)
(طُوبَى لمن بَات فى أَمن وفى دعة ... فراحة الْقلب لَا شئ يعادلها)
قَالَ وَسَأَلته عَن مولده فَأخْبر أَن وَالِده كتبه على ظهر كتاب وَأَنه ضَاعَ لَكِن فى غَالب ظَنّه أَنه فى نَيف وَسبعين وَتِسْعمِائَة وَحصل لَهُ مرض فى أَوَائِل سنة احدى وَسِتِّينَ وَألف وَانْقطع فى دَاره الَّتِى هى دَاخل بَاب توما وتعرف بِبَيْت محب الدّين جوَار دَار شيخ الاسلام ابْن عماد الدّين فعدته فى أثْنَاء الْمَرَض فرأيته مترقبا للعافية وآثار الْمَوْت عَلَيْهِ غير خافيه فتكالمنا مَعَه فأبدى لنا من فضائله مَا يسحر الْعُقُول من مَعْقُول ومنقول وَمن كل معنى فائق ونظم رائق ثمَّ بعد ذَلِك فارقته فِرَاق وداع متأسفا على طى فضائله الَّتِى انْعَقَد على حسنها الاجماع فَكَانَ بعد ذَلِك يراسلنى بالرسل والاوراق الى أَن كتبت لَهُ جَوَاب رِسَالَة فى لَيْلَة السبت ثَالِث عشر صفر من السّنة الْمَذْكُورَة وفى ضمنهَا هَذِه الابيات
(أسأَل الله من أتم غلاكا ... خَالق الْخلق أَن يتم شفاكا)
(فَلَقَد زَاد سقم صبك هَذَا ... ودواه محققا رؤياكا)
(وَهُوَ حيران فى غياهب شكّ ... لَيْسَ يبدى لنورها الاكا)
(عِشْت صَدرا لطَالب الْعلم بَدْرًا ... زِدْت قدرا تسمو بِهِ الافلاكا)
(لتنال الطلاب مِنْك مُنَاهُمْ ... ومناهم وَالله أقْصَى مناكا)
ثمَّ قصدت أَن أَسِيرهَا فى الْيَوْم الْمَذْكُور فَلم يتَّفق لِكَثْرَة الامطار حَتَّى صَارَت طرقات الْمَدِينَة كالانهار فاذا هُوَ انْتقل بعد الظّهْر فى الْيَوْم الْمَذْكُور الى رَحْمَة رب الْعَالمين وَلم يُمكن فى ذَلِك الْيَوْم التَّجْهِيز والتكفين وَاسْتمرّ الْمَطَر مُتَّصِلا لَا يَنْقَطِع الى يَوْم