ثمَّ ان الشريف مَسْعُود توفى فى لَيْلَة الثلاثا ثامن وعشرى شهر ربيع الثانى من سنة أَرْبَعِينَ ببستانه بِأم عابدة بِمَرَض الدق وَنزل بِهِ الاشراف وَقت الضحوة الى مَكَّة على محفة البغال وَصلى عَلَيْهِ بالملتزم وَدفن عِنْد أم الْمُؤمنِينَ خَدِيجَة الْكُبْرَى رضى الله تَعَالَى عَنْهَا وَكَانَت مُدَّة ولَايَته سنة وشهرين وَسِتَّة وَعشْرين يَوْمًا وَقَامَ بالامر بعده عَمه الشريف عبد الله الْمُقدم ذكره وفى ايامه تمت عمَارَة الْبَيْت

الشريف مَسْعُود بن الْحسن بن أَبى نمى السَّيِّد الشريف الاجل الْمُحْتَرَم نَاب عَن أَبِيه بعد أَخِيه السَّيِّد الشريف حُسَيْن فى الْقيام بالاحكام وَالتَّصَرُّف فى اقامة وُلَاة دولته من المقدمين والحكام وَكَانَ لَهُ الْبشر والخلق الرضى وامتدح بالقصائد المهذبه وَقصد بالتآليف المستعذبه لميله الى أهل الْفضل وشغفه بمذاكرة الادب وَكَانَ بَينه وَبَين الامام عبد الْقَادِر الطبرى ألفة شديده ومحبة اكيده حَتَّى انه الف شرح الكافى فى علمى الْعرُوض والقوافى خدمَة لَهُ وَمَا زَالَ فى ملازمته مُدَّة مديدة وَمِمَّا اتّفق من نَوَادِر الوقائع أَنه تواعد مَعَ بعض محضياته لَيْلًا فَأَتَاهُ غَيرهَا فَظن أَنَّهَا هى فواقعها حَالا فَحَضَرت الْمَطْلُوبَة وبيدها شمعة موقدة فندم على مواقعته الاولى وَكَانَ عِنْده معِين الدّين بن البكا تِلْكَ اللَّيْلَة فَخرج اليه فى الصَّباح وَقَالَ لَهُ أجز قَول الشَّاعِر

(نَدِمت ندامة الكسعى لما ... رَأَتْ عَيناهُ مَا فعلت يَدَاهُ)

فَأَجَابَهُ

(وعدت معذبى لَيْلًا فَلَمَّا ... تبين أَنه شخص سواهُ)

نَدِمت الخ وَكَانَت وَفَاته فى سنة ثَلَاث بعد الالف بِمَكَّة وَدفن بالمعلاة وأرخ وَفَاته معِين الدّين الْمَذْكُور بقوله

(يَا عين مَاتَ المفدى ... مَسْعُود وَالْقلب قد ذاب)

(وكوكب مذ تبدى ... حاولت تَارِيخه غَابَ)

مَسْعُود الرومى قاضى الْقُضَاة الشهير بآواره زَاده وَمعنى الاواره فى الاصل الامر بالتفتيش على الصَّيْد ثمَّ اطلق فى عرف الروميين على الْمُنْفَرد بخويصة نَفسه ولى صَاحب التَّرْجَمَة قَضَاء دمشق فى سنة خمس وَسبعين وَألف وَكَانَ معتدلا فى حكومته لَا يهمه شئ الا يبتنى عَلَيْهِ النشاط وَالسُّرُور لانه كَانَ متكيفا جدا وَكَانَ حُلْو الْعبارَة لطيف الْعشْرَة مائلا الى المجون والمداعبة وَكَانَت ايامه كلهَا هنيئة متواصلة الهناء بالفرح ثمَّ عزل عَن دمشق وَولى بعْدهَا قَضَاء ادرنه ثمَّ الغلطة وَمَات وَهُوَ قَاض بهَا وَكَانَت فى حُدُود سنة تسعين وَألف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015