يرقى الْمَرَاتِب العليه بل هَذَا دَلِيل على انه أَجْهَل البريه
(لَا يستوى مُعرب فِينَا وَذُو لحن ... هَل تستوى البغلة العرجاء وَالْفرس)
وطالما عرج على درج الْمِنْبَر وَجعل أمرده أَمَامه وَلَوْلَا التقية لجعله امامه وَمَا تلفت على أَعْوَاد الْمِنْبَر يَمِينا وَشمَالًا الا ليقتنص ظَبْيًا أَو يصيد غزالا واذا ترنم وَأظْهر الْخُشُوع واهتز لغير طرب وأجرى الدُّمُوع فلأجل مليح يرَاهُ عِنْد الْمِحْرَاب وَلم يسْتَطع أَن يشافهه بِالْخِطَابِ أَو ليخدع بعض الحضار من الاتقياء الاخيار فَأَنْشَدته ارتجالا وأنفاسى تتصعد ومهجتى بِنَار الكمد تتوقد
(أفاضل جلق أَيْن الْعُلُوم ... وَأَيْنَ الدّين مَاتَ فَلَا يقوم)
(يجاهركم خطيبكم بفسق ... ويفتى فِيكُم توما الْحَكِيم)
أَبَا الْحبّ والخب ترجو الرّفْعَة على الانام أم بالرشوة والتزوير تنَال الرتب فى هَذِه الايام أم بالسعى فى ابطال حق وَحَقِيقَة بَاطِل ستان بَين من تحلى بالفضائل وَبَين من هُوَ مِنْهَا عاطل وَمَا كَفاك أخذك التدريس بالتدليس وخوضك فى الْفِتَن الَّتِى فقت بهَا على ابليس حَتَّى دخلت على الْعلمَاء من غير بَاب ورددت أَقْوَال الْفُضَلَاء بِغَيْر صَوَاب كَأَنَّهُ خطر فى زعمك الْفَاسِد وفكرك الْقَبِيح الكاسد أَن الله قبض الْعلمَاء وَلم يبْق مِنْهُم أحد وَاتخذ النَّاس رُؤَسَاء جهلاء فى كل بلد فتضل النَّاس كَمَا ضللت وتعديت وتنفق بضاعتك الكاسدة بِقَوْلِك أَفْتيت وَفِيه
(قُولُوا الاعرج جَاهِل متكبر ... قد جَاءَ يطْلب رفْعَة وتكرما)
(دع مَا تروم فان حظك عندنَا ... تَحت الحضيض وَلَو عرجت الى السما)
وَمَا يدل على جهلك الْمركب وَعدم فهمك الذى هُوَ من ذَاك اعْجَبْ انك ترى دمشق الشَّام مشحونة بالعلماء والافاضل الَّذين لَيْسَ لَهُم فى الدَّهْر من مماثل وهم مشتغلون بالعلوم وتحريرها وتنقيح الْمسَائِل وتقريرها وَأَنت تغالط بِنَفْسِك وَتدْخلهَا مَعَ غير أَبنَاء جنسك وتترفع على من لَا يرتضيك تقبل رجله وَلَا يراك أَهلا لخدمة نَعله دع الْفَخر فلست من فرسَان ذَلِك الميدان وَلَا أَنْت مِمَّن أحرز قصب السَّبق فى الْيَوْم الرِّهَان وَمَالك فى ذَلِك وَمَالك شيخ فى التدريس سوى أَبى مرّة ابليس فَمَا زلت تسلك فى مسالكه وَتَقَع فى مهاوى مهالكه حَتَّى أنْشد لِسَان حالك فى قَبِيح سيرتك وخبث أفعالك هذَيْن الْبَيْتَيْنِ
(وَكنت فَتى من جند ابليس فارتقى ... بى الْحَال حَتَّى صَار ابليس من جندى)