(مَا الْمجد الا مجده ... فاليه قد خضعت أسوده)
(قاضى عَدَالَته غدن ... كل الانام بهَا شُهُوده)
(ملئت ملابسه حَيا ... وَمن التقى نسجت بروده)
(فى الْعلم طود والتوا ... ضع مُفْرد وَالْبَحْر جوده)
(أبقاه ربى ملْجأ ... أبدا وللعليا صُعُوده)
ثمَّ نقل مِنْهَا الى مصر فى غرَّة رَجَب سنة خمس وَسِتِّينَ ثمَّ عزل وَتَوَلَّى قَضَاء بروسه ثمَّ أعْطى رُتْبَة قَضَاء أدرنه ثمَّ صَار قَاضِيا بدار السلطنة فى سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَاسْتمرّ بهَا قَاضِيا سَبْعَة عشر شهرا وصل اليه والدى فى أثْنَاء قَضَائِهِ فَوجه اليه نِيَابَة أخى جلبى وأجزل عَلَيْهِ نعمه الدارة قَالَ والدى وَوجدت مِنْهُ أَبَا شفيقاً وأخا بارا شقيقا فنظم أمرى واغتنم شكرى وأجرى ورعى فى معروفه مَعْرُوف اسلافه لاسلافى وَجعل السُّعُود فى جَمِيع الْمَقَاصِد من أخلافى بانيا كَمَا بنوا وبادياً من حَيْثُ انْتَهوا فغدت وَحْشَة اغترابى بخدمته انسا وألسن شكرى لاياديه وَنشر مساعيه خرسا وَكنت أرى من فَضله وبديع بديهته وصفاء قريحته ولطف طَبِيعَته واشاراته الذوقيه ومحاضراته الادبيه مَا يبهر الْعُيُون ويحقق الظنون الى مَا حواه من كرم الشمايل والاحتشام والمحاسن الموفرة الانواع والاقسام فَمَا أنْكرت طرفا من أخلاقه وأقواله وَمَا شاهدت الا مجدا وشرفا من أَحْوَاله
(واذا نظرت الى أميرى زادنى ... ضنابة نظرى الى الامراء)
فَلَو صرفت أَوْقَات عمرى وتشرعت بِجَمِيعِ مَذَاهِب الثَّنَاء وَالدُّعَاء لَهُ طول دهرى لما كنت الا فى كَمَال التَّقْصِير ومعترفا بِالْعَجزِ الْكثير وَمِمَّا شنف سمعى بِهِ فى أثْنَاء المذاكره أَيَّام تشرفى فى مجالسة الزاهية الزاهره قَوْله من ربَاعِية أنشدنيها
(ناديت أحبتى لاجل السلوى ... والدهر رسوم ربعهم قد سوى)
(بالنوحة جدت فى المغانى حَتَّى ... قد ساعدنى على بكائى رضوى)
فَأَنْشَدته بديهة على طَرِيق الْمُعَارضَة وهى
(يَا من بعدوا وأورثونى الْبلوى ... أبدى لكم من الْفِرَاق الشكوى)
(أَصبَحت وحبكم عميدا دنفا ... من بعدكم رق لحالى رضوى)
وأنشدنى بعد أَيَّام قَوْله أَيْضا