قبولا تَاما وَأَقْبَلت أهالى دمشق عَلَيْهِ وعظموه واعتقدوا فِيهِ وَلَزِمَه جمع من الْفُضَلَاء فَكَانُوا يقصدونه كل يَوْم فى موطنه للْقِرَاءَة مَعَ بعد الْمسَافَة وَبَعْضهمْ يذهب مَاشِيا لاجل التَّبَرُّك وبلغنى أَن بَعضهم الْتزم أَن يذهب اليه حافيا وَكَانَت لَهُ أَحْوَال تدل على صَلَاحه وَعلمه وَكَانَ فى التصوف مُفْرد زَمَانه وَيحل كتب ابْن عربى واضرابه أحسن حل وَلم أسمع أَنه ألف أَو قَالَ شعرًا وَغَايَة مَا يُقَال فِيهِ انه كَانَ من خِيَار خلق الله تَعَالَى وَكَانَت وَفَاته فى رَابِع شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَألف
مُحَمَّد بن سِنَان الْمَعْرُوف بشيخ زَاده أحد موالى الرّوم البارعين قدم أَبوهُ الى قسطنطينية من بَلَده كيبوزه وهى بليدَة صَغِيرَة على سَاحل الْبَحْر يتَوَصَّل مِنْهَا الى اسكدار على طَرِيق الذَّاهِب من قونية وَبَينهمَا مَسَافَة سبع سَاعَات وَكَانَ شَيخا مُعْتَقدًا واعظا ورزق أَوْلَادًا أكبرهم مُحَمَّد هَذَا فَنَشَأَ مشتغلا بِالْعلمِ حَتَّى عد من الْعلمَاء الْكِبَار وَكَانَ فَقِيها مطلعا على الْمسَائِل قوى الحافظة واشتهر بالفقه مَعَ أَنه فى غَيره أَيْضا من الفائقين ولازم من شيخ الاسلام أَبى الميامن ثمَّ اتَّصل بِخِدْمَة شيخ الاسلام يحيى بن زَكَرِيَّا فصيره أَمينا لفتواه وَمهر فى هَذِه الْخدمَة حَتَّى صَار فِيهَا مرجعا يعول عَلَيْهِ وَلما بنى الْمولى يحيى الْمَذْكُور مدرسته بقسطنطينية صيره مدرسها وَهُوَ أول من درس بهَا وَصَحبه مَعَه الى سفر روان وَلم يزل بعْدهَا يترقى فى الْمدَارِس الى أَن ولى السليمانية وَنقل مِنْهَا الى مدرسة أيا صوفيا بتربة دَار الحَدِيث ثمَّ ولى قَضَاء حلب فى سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَألف ثمَّ ولى قَضَاء الشَّام ودخلها فى سنة سبع وَخمسين ثمَّ عزل عَنْهَا وَولى بعْدهَا قَضَاء الغلطة ثمَّ أدرنه ثمَّ صَار امين الْفَتْوَى لشيخ الاسلام البهائى ثمَّ صَار قَاضِيا بقسطنطينية ثمَّ أعْطى رُتْبَة قَضَاء الْعَسْكَر بانا طولى وَقَضَاء أنقره على وَجه التَّأْبِيد وَلم تطل مُدَّة حَيَاته بعد ذَلِك فتوفى فى شَوَّال سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَألف وَدفن تجاه دَاره بقسطنطينية قريب الْمَكَان الْمَعْرُوف بقرمان
مُحَمَّد بن شعْبَان الطرابلسى الحنفى من أهل طرابلس الْمغرب ذكره ابْن نوعى وَوَصفه بِالْفَصْلِ الباهر وَقَالَ قدم قسطنطينية فى سنة سِتّ عشرَة وَألف وتناظر مَعَ علمائها فظهرت مزيته وروعى حَقه وَأَقْبل عَلَيْهِ شيخ الاسلام صنع الله بن جَعْفَر وَأَعْطَاهُ قَضَاء بَلْدَة بِاعْتِبَار المولوية وأضاف الى الْقَضَاء الْفَتْوَى والتدريس فَتوجه الى وَطنه وَله تآليف باهرة مِنْهَا شرح مجمع الْبَحْرين سَمَّاهُ تشنيف المسمع فى شرح الْمجمع وَجمع مَنَاقِب الشَّيْخ أَبى الْغَيْث القشاش الْمُقدم ذكره وَله غير ذَلِك من الْآثَار