البكرى وَكَانَ الاستاذ يُبَالغ فى تَعْظِيمه فَقَالَ لَهُ مرّة يَا مَوْلَانَا أنادر وش فَقير كَيفَ تعظمنى هَذَا التَّعْظِيم قَالَ شممت مِنْك رَائِحَة الْفضل وامتدح الاستاذ بقصيدته الْمَشْهُورَة الَّتِى مطْلعهَا

(يَا مصر سقيا لَك من جنَّة ... قطوفها يانعة دانيه)

(ترابها كالتبر فى لطفه ... وماؤها كالفضة الصافيه)

(قد أخجل الْمسك نسيم لَهَا ... وزهرها قد أرخص الغاليه)

(دقيقة أَصْنَاف أوصافها ... وَمَالهَا فى حسنها ثَانِيه)

(مُنْذُ أنخت الركب فى أرْضهَا ... أنسيت أصحابى وأحبابيه)

(فيا حماها الله من رَوْضَة ... بهجتها كَافِيَة شافيه)

(فِيهَا شِفَاء الْقلب أطيارها ... بنغمة القانون كالداريه)

وَمِنْهَا

(من شَاءَ أَن يحيا سعيدا بهَا ... منعما فى عيشة راضيه)

(فَليدع الْعلم وَأَصْحَابه ... وليجعل الْجَهْل لَهُ غاشيه)

(والطب والمنطق فى جَانب ... والنحو وَالتَّفْسِير فى زاويه)

(وليترك الدَّرْس وتدرية ... والمتن وَالشَّرْح مَعَ الحاشيه)

(الام يَا دهر وَحَتَّى مَتى ... تشقى بأيامك أياميه)

(تحقق الآمال مستعطفا ... وتوقع النَّقْص بآماليه)

(وَهَكَذَا تفعل فى كل ذى ... فَضِيلَة أَو همة عاليه)

(فان تكن تحسبنى مِنْهُم ... فهى لعمرى ظنة واهيه)

(دع عَنْك تعذيبى والا فأشكوك الى ذى الحضرة العاليه ... )

ثمَّ قدم الْقُدس وَحكى الرضى بن أَبى اللطف المقدسى قَالَ ورد علينا من مصر رجل من مهابته مُحْتَرم فَنزل من بَيت الْمُقَدّس بِفنَاء الْحرم عَلَيْهِ سِيمَا الصّلاح وَقد اتسم بلباس السياح وَقد تجنب النَّاس وَأنس بالوحشة دون الايناس وَكَانَ يألف من الْحرم فنَاء الْمَسْجِد الاقصى وَلم يسند اليه أحد مُدَّة الاقامة اليه نقصا فَألْقى فى روعى انه من كبار الْعلمَاء الاعاظم وأجلة أفاضل الاعاجم فَمَا زلت لخاطره أَتَقَرَّب وَلما لَا يرضيه أتجنب فاذا هُوَ مِمَّن يرحل اليه للاخذ عَنهُ وتشد لَهُ الرّحال للرواية عَنهُ يُسمى بهاء الدّين مُحَمَّد الهمدانى الحارثى فَسَأَلته عِنْد ذَلِك الْقِرَاءَة فى بعض الْعُلُوم فَقَالَ بِشَرْط أَن يكون ذَلِك مَكْتُوم وقرأت عَلَيْهِ شَيْئا من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015