عينهم وأنبلهم وأوجههم صَار أَولا من آحَاد الْجند بِالشَّام واشتهر بالفروسية وينقل عَنهُ فِيهَا أَشْيَاء غَرِيبَة جدا مِنْهَا ان الْحَافِظ نَائِب الشَّام كَانَ قصد أَن يُمَيّز بَينه وَبَين كنعان الْكَبِير الْمَشْهُور بالفروسية والشجاعة فَخرج بهما الى ميدان الوادى الاخضر وَأمر أَن يوضع تَحت قدم كل وَاحِد مِنْهُمَا فَوق ركابه وَهُوَ رَاكب دِرْهَم وَأَمرهمَا بالسباق فَمَا برحا يتسابقان من بعيد الظّهْر الى قبيل الْغُرُوب ثمَّ استدناهما وَنظر الى الدرهمين فَوجدَ الذى كَانَ تَحت قدم كنعان قد وَقع والذى تَحت قدم مُحَمَّد بَاقِيا فى الْمَكَان الذى وضع فِيهِ فأنعم عَلَيْهِ وقربه وَبلغ من ثمَّ الشُّهْرَة الْبَالِغَة وَاخْتَلَطَ بالعقلاء وعاشر الْفُضَلَاء ثمَّ صَار بلو كباشى وَولى السردارية بِبَاب قاضى الْقُضَاة وخدم الْمولى مصطفى بن عزمى قاضى الْقُضَاة بِدِمَشْق وعاشره فاكتسب من آدابه ثمَّ سَافر مَعَ وَالِده الى بِلَاد الْعَجم فى زمن السُّلْطَان أَحْمد وَلما دارت رحى الْحَرْب بَين الْفَرِيقَيْنِ طرح بعض الاعاجم أَبَاهُ فخلصه مُحَمَّد مِنْهُ وَقتل عَدو وَالِده لكنه أُصِيب فى عينه بِسَهْم أَصَابَهُ وَاتفقَ لَهُ انه سَافر إِلَى روان فى بِلَاد الْعَجم أَيَّام السُّلْطَان مُرَاد فَوَقع لَهُ مَا وَقع لابيه وَقبض عَلَيْهِ بعض الاعجام فخلصه ثانى اولاده وأشجعهم مُوسَى الذى صَار آخرا أَمِير الْحَاج وسيأتى ذكره ان شَاءَ الله تَعَالَى ثمَّ رَجَعَ الى دمشق وَصَارَ كتخدا الْجند فى سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَألف وَلما ولى حُكُومَة الشَّام عُثْمَان باشا جفتلر لى عَزله وحبسه فى قلعة دمشق ثمَّ اطلقه بشفاعة شيخ الاسلام مُحَمَّد البهائى قاضى الشَّام وَجعل لَهُ علوفة فى الخزينة الشامية ثمَّ صاريياً باشى وَعظم قدره بَين الْعَسْكَر وَصَارَ كَبِيرهمْ وَصَارَت أَوْلَاده كباشيه وأخواه يباباشيين وطنت حَصَاة شهرتهم فى الْآفَاق وَكَانُوا فى الْجُمْلَة زِينَة المواكب وَرُبمَا انهم كَانُوا مَعَ توابعهم ولواحقهم يقاربون ربع الْعَسْكَر وَسَار الى الْحَج سردارا سبع مَرَّات ثمَّ بعد ان قتل عبد السَّلَام السَّابِق ذكره تنزل عَن سموهُ وَانْفَرَدَ بَين الْعَسْكَر وَلم يبْق من أقرانه أحد وَأُصِيب بولدين كَانَا أَنْجَب أَوْلَاده وهما رَجَب وخضر وَأخذ مِنْهُ مَال كَانَ لزمَه من مَال المقاطعات الَّتِى بِيَدِهِ ونفدت جَمِيع عقاراته وأمواله وغدر بِهِ الزَّمَان فبقى منزويا الى أَن مَاتَ وَكَانَت وِلَادَته فى سنة أَربع وَتِسْعين وَتِسْعمِائَة وَتوفى فى سنة احدى وَسبعين وَألف وَدفن بمقبرة بَاب الصَّغِير عِنْد أَبِيه تجاه دَارهم بِالْقربِ من الْمصلى
الامام مُحَمَّد بن الْحسن بن الامام الْقَاسِم بن مُحَمَّد على قَالَ القاضى أَحْمد بن ابى