ان نثر فَمَا اللُّؤْلُؤ المنثور انفصم نظامه أَو نظم فَمَا الدّرّ الْمَشْهُور نسقه نظامه بِخَط يزدرى بِخَط العذار اذا بقل وتحسد سَائِر الْجَوَارِح على مُشَاهدَة حسنه الْمقل وَلما دخل الْيمن فى دولة الرّوم أَقَامَ لَهُ رئيسها بِمَا يحب ويروم فولاه منصب الْقَضَاء وسطع نور أمله هُنَاكَ وأضاء وَلم يزل مجتليا وُجُوه أمانيه الحسان مجتنيا من رياضه أزاهر المحاسن والاحسان الى أَن انْقَضتْ مُدَّة ذَلِك الامير وَمنى الْيمن بعده بِالْفَسَادِ والتدمير فَانْقَلَبَ الى وَطنه وَأَهله وكابد خزن الْعَيْش بعد سهله كَمَا أنبأ بذلك قَوْله فى بعض كتبه وَلما قفلت عَائِدًا من الْيمن بعد وَفَاة المرحوم سِنَان باشا وانقضاء ذَلِك الزَّمن اخْتَرْت الاقامة فى الوطن بعد التشرف بِمَجْلِس الْقَضَاء فى ذَلِك العطن الا أَنه لم يحل لى التخلى عَن تذكر مَا كَانَ فى تذكرة الخيال مرسوما وتفكر مَا كَانَ فى لوح المفكرة موسوما فاخترت أَن أكون مدرسا فى الْبَلَد الْحَرَام وممار سالما آذن غب الْحُصُول بالانضمام وَلم يكن فى الْبَلَد الامين كفايه وَلَا مَا يقوم بِهِ الاتمام والوقاية انْتهى وَمَا زَالَ مُقيما فى وَطنه وبلده متدرعا جِلْبَاب صبره وَجلده حَتَّى انصرمت من الْعَيْش مدَّته وتمت من الْحَيَاة عدته ثمَّ أورد لَهُ فصلا من نثره فَقَالَ كتب من كتاب إِلَى بعض أَصْحَابه ينْهَى الْمُلُوك لَا يزَال ذَاكِرًا لتِلْك الايام الْمَاضِيَة شاكرا لهاتيك الاعوام الَّتِى حلت بِفضل مَوْلَانَا وَلَا أَقُول مرت بمسرات لَا تزَال النَّفس لدينها متقاضيه

(كم أردنَا هَذَا الزَّمَان بذم ... فشغلنا بمدح ذَاك الزَّمَان)

أقفر الصَّفَا من اخوان الصَّفَا وخلا الْحطيم من رَضِيع الادب والفطيم وأقوت المشاعر من أَرْبَاب الادراك والمشاعر

(كَأَن لم يكن بَين الْحجُون الى الصَّفَا ... أنيس وَلم يسمر بِمَكَّة سامر)

وَكَانَ علم مَوْلَانَا محيطا بحالى اذ كنت آنس بأولئك الجلة وأرباب المعالى فَلم يبْق من يدانيهم فضلا عَمَّن يساويهم وَلَا من يباريهم فَكيف بِمن يجاريهم وَلَقَد ذكرت هُنَا قَول بَعضهم

(دجا اللَّيْل حَتَّى مَا يبين طَرِيق ... وَخَوف حَتَّى مَا يقر فريق)

(وجردت يَا برق الْمنون مناصلا ... لَهَا فى قُلُوب المبصرين بريق)

(وزعزعت يَا ريح الردى كل شَاهِق ... عَلَيْهِ لانفاس النُّفُوس شهيق)

(سَلام على الايام ان صنيعها ... أَسَاءَ فَهَل لى بالنجاة لُحُوق)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015