السُّلْطَان الْمَذْكُور فأسكنه عِنْده فى دَاره وهيأ لَهُ لوازمه وأسبابه وَأَعْطَاهُ نَفَقَة كَثِيرَة وَكتب لَهُ تَفْسِير أَبى السُّعُود الْمَذْكُور فى مُدَّة سنتَيْن وَهُوَ مُقيم عِنْده وَقد كَانَ تأنق فى كِتَابَته جهده فَلَمَّا رَآهُ السعد مَال اليه بكليته وَأَعْطَاهُ مَالا فَوق مَا يتمناه وانتظم حَاله ثمَّ بعد مُدَّة مل الغربة فهرب وَقدم الى دمشق وفطن بِهِ السعد فتألم لغيبته وَأقَام بعد ذَلِك بِدِمَشْق وَتزَوج بهَا وَكَانَ لَا يفتر عَن كِتَابَة الْكتب مُدَّة حَيَاته وَبِالْجُمْلَةِ فانه كَانَ من الْمشَار اليهم فى الْكِتَابَة وانْتهى اليه الظّرْف فى حسن التناسق وَجمع من خطوط أساتذة الْكتاب من الْعَجم وَالروم مَا لم يجمعه غَيره وَكَانَ مَعَ ذَلِك حسن الاخلاق لطيف الطَّبْع لين الْجَانِب كثير الْفَوَائِد وَكَانَت وَفَاته فى سنة سبع وَعشْرين وَألف وَدفن بمقبرة بَاب الصَّغِير وَاتفقَ مَوته لَيْلَة النوروز وَهُوَ انْتِقَال الشَّمْس الى برج الْحمل فَقَالَ الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن العمادى مؤرخا وَفَاته بقوله
(لقد نسخ الْكَمَال بِلَا مِثَال ... عَشِيَّة قيل للشمس انْتِقَال)
(تعجب لاتِّفَاقهمَا وأرخ ... لبرج الْجنَّة انْتقل الْكَمَال)
قلت وَقد أجْرى التَّاء المربوطة هَاء فليتنه لَهُ وَهَذَا من التواريخ اللطيفة
مُحَمَّد بن بَرَكَات بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن ابراهيم بن عبد الرَّحْمَن السقاف الحضرمى الْمَعْرُوف جده بكريشة أحد أَوْلِيَاء زَمَنه وأصفياء وقته وَله الكرامات الجمه والمناقب الْعَظِيمَة ذكره الشلى فى تَارِيخه الْمُرَتّب على السنين وَقَالَ فى تَرْجَمته ولد بِمَدِينَة تريم وَنَشَأ بهَا وَصَحب جمَاعَة من أكَابِر العارفين ثمَّ حصلت لَهُ جذبة وَرُبمَا حصلت مِنْهُ أُمُور مَمْنُوعَة فى ظَاهر الشَّرْع كاتلاف الاموال بالنَّار ورميها فى الْبَحْر بِلَا سَبَب ظَاهر وَكَانَ لَا يُقيم بِبَلَد سنة كَامِلَة بل ينْتَقل فى الْبلدَانِ فَرَحل الى الْهِنْد والحبشة والسواحل واليمن والحجاز وَكَانَ يتَرَدَّد الى مَكَّة وَكَانَ قاضيها ورئيسها القاضى حُسَيْن الْمَشْهُور وَكَانَ يُحِبهُ ويعتقده وأملكه على ابْنَته وَكَانَ كلما دخل بَلْدَة تصرف فى أَهلهَا لَا سِيمَا ولاتها وحكامها تصرف الْملاك وَكَانَ كل حَاكم يأتى الى الْيمن يكون تَحت أمره الْمُطلق والمقيد ويستبد بالامر على خدمه وخاصته وَكَانُوا يعطونه من الاموال والجواهر والملابس الفاخرة وَالْخَيْل والامتعة مَا لَا يُحْصى كَثْرَة وَكَانَ كثير الانفاق على أَصْحَابه لَا سِيمَا اذا خرج الى حَضرمَوْت وَكَانَ لَا ينَام الا قَلِيلا وَكَانَ عَظِيم الهيبة على جماعته وَرُبمَا أنكر عَلَيْهِ انه اذا جَاءَ وَقت الصَّلَاة أَمرهم بهَا وَلَا يصلى بل يغيب عَنْهُم وكل من أنكر عَلَيْهِ حَاله اذا اجْتمع بِهِ زَالَ عَنهُ ذَلِك وَكَانَ لَا يجمتع