وَقد تمكنت قَوَاعِده فى الْفتيا واشتهر أمره وَكَانَ مَعَ عراقته الطائلة وتفوقه فى الْفضل والادب متواضعا دمث الاخلاق ودودا حسن الْعشْرَة طارحا للتكلف فَلهَذَا مَالَتْ اليه الْقُلُوب وانبعثت اليه الاهواء وَكَانَ فى الِاطِّلَاع على فروع الْفِقْه والاخذ بمحال الاحكام فى الذورة الْعَالِيَة وَمن غَرِيب أمره انه مَعَ فَضله الباهر لم يرو لَهُ أثر من تَحْرِير أَو تَقْرِير وَكَانَ ينظم الشّعْر وَمن // جيد شعره // قَوْله
(لله بدر قد حكى بخدوده ... ورد الربى وشقائق النُّعْمَان)
(وبثغره زهر الاقاح منضد ... وبقده المياس غُصْن البان)
(وبطيبه طيب الرياض ونشرها ... وبصدغه للاس وَالريحَان)
(واذا محاسنه بَدَت لعيوننا ... تجلى فَلَا نحتاج للبستان)
وَقَوله
(ان غبت عَن ناظرة يَا من كلفت بِهِ ... فَمَا أَرَاك عقيب الْآن فى عمرى)
(لَان عينى تجرى بعد فرقتكم ... دَمًا ويتبعه ماطل من بصرى)
وَقَوله
(دع الْحبّ ان الْحبّ لِلْعَقْلِ سالب ... وعش خَالِيا فالحب فِيهِ النوائب)
(فَلَا يصلحن الا لمثلى فاننى ... فَتى دون نَعْلَيْه السهى وَالْكَوَاكِب)
(فَمن كَانَ مثلى كَانَ بالحب لائقا ... والا فَهَب بالصبابة لاعب)
وَكتب الى جدى محب الله فى غَرَض
(يَا من أياديه سَحَاب ممطر ... ولديه حَاتِم فى السخا لَا يذكر)
(وَعَلِيهِ من سِيمَا الْكِرَام دلَالَة ... وشواهد تبدو عَلَيْهِ وَتظهر)
(طوقتنى من راحتيك بمنة ... أضحت على طول الليالى تنشر)
(لم أقض حق ثنائها لَو أَن لى ... فى كل جارحة لِسَانا يشْكر)
وَلم تطل مدَّته فتوفى وَكَانَت وِلَادَته فى سنة اثنتى عشرَة وَألف وَتوفى فى خَامِس عشر الْمحرم سنة ثَلَاثَة وَسبعين وَألف وَدفن بمقبرة أجداده بنى الفرفورى لصيق مَزَار الشَّيْخ أرسلان قدس الله تَعَالَى سره الْعَزِيز وَقَالَ الامير المنجكى يرثيه
(رَيْحَانَة الافضال عاجلها الردى ... ولفقدها مس الانام زكام)
(مَا كَانَت الايام الا مقلة ... وَلها ابْن فرفور ضيا ومنام)
(حيته أَرْوَاح الرِّضَا من ربه ... وهمى عَلَيْهِ من الهبات غمام)
عبد الْوَهَّاب بن رَجَب المنعوت تَاج الدّين الحموى الشافعى نزيل دمشق الاديب النَّحْو الْمَشْهُور ورد دمشق مَعَ عَمه حسن واشتغل بهَا على جدى ابى الفدا النابلسى