خطط الشام (صفحة 960)

كانت هذه القاعة المصورة في القرن الثالث. وظهر في عصر الأيوبيين والمماليك مصورون شاميون أبدعوا في التصوير على الجدران وعلى الكتب، ومنها ما كان إلى القرن السابع في دير باعنتل قرب حمص، كان فيه على رواية ياقوت عجائب منها آزج بيت مستطيل أبواب فيها صور الأنبياء محفورة منقوشة فيها، وصورة مريم في حائط منتصبة، كلما ملت إلى ناحية كانت عينها إليك. ومنها ما كان في هيكل دير مران في سفح قاسيون بدمشق من صورة عجيبة دقيقة المعاني. وذكر ابن جبير أنه كان في كنيسة مريم بدمشق في القرن السادس من التصاوير أمر عجيب، وكان مثل ذلك في كنيسة القيامة وغيرها من كنائس فلسطين.

كان اليازوري من وزراء الفاطميين يفضل كثيراً على المصورين الشرقيين وكانوا

من المسلمين. وقد جعل الظاهر بيبرس رنكه أي أشعاره الأسد، وجعل دراهمه على صورته، وجعل أقوش الأفرم رنكه في غاية الظرف وهو دائرة بيضاء يشقها شطب أخضر كأنه مسن عليه سيف أحمر يمر من البياض الفوقاني إلى البياض التحتاني وقال فيه نجم الدين هاشم البعلبكي.

سيوف سقاها من دماء عداته ... وأقسم عن ورد الرّدى لا يردها

وأبرزها في أبيض مثل كفه ... على أخضر مثل المسنّ يحدها

قالوا: وقد كان الخواطئ ينقشن رنكه على معاصمهن وفي أماكن مستورة من أجسامهن.

ومن أجمل ما أبقت الأيام وإن لم يتم لها إلى الآن قرنان، الصورة الباقية في دار أسعد باشا العظم في حماة من أبدع ما حوت من النقوش العجيبة وغيرها، وهي صورة رسمت على قطعتين من الخشب جعلتا في حائط القاعة الكبرى ونقشت عليهما صورة حماة في ذلك العهد بجوامعها ومدارسها، ونواعيرها وقصورها، ظهر منها أن حماة كانت أعمر مما هي عليه الآن عرفنا ذلك بفضل التصوير.

أخذت العرب نقوش الفسيفساء عن الروم وبالغت فيها ولا يزال إلى اليوم قطع في الدور وغيرها، وأهمها ما لا يزال في كنيسة مادبا في البلقاء من مصوّر فلسطين ونهر الأردن يشقها من وسطها والأسماك تعوم فيه، والمدن التي كانت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015