في ساعتين وقد لا تنفذ في يومين. فسألتهم الوزارة وعلى ماذا تستندون في الحرب بعد نفاذ الذخائر؟ فأجاب بعضهم أنهم يأملون في أول ملحمة أن يدحروا الجيش الفرنسي الزاحف ويستولوا على ذخائره وعتاده، وعلق بعضهم آماله على الجيش العربي
في حلب. وقال آخر: إننا ننسحب إلى رؤوس الجبال، ونعتمد على حصوننا الطبيعية ونحارب حرباً دفاعية بالمناوشة، ولما سألتهم الوزارة على ماذا تعتمدون في هذه الحرب، وعلى أي شيء تتكلون في المقاومة؟ أجابوا على حماسة الأمة ومعاونتها فأجابهم أحد الوزراء: دعونا من البحث في المعنويات فإنا نقدرها مثلكم، وأخبرونا عن قوتكم الفعلية المادية وقولوا كم تمكنكم المقاومة؟ فقالوا: ست ساعات إذا اشتد لظى الحرب دفعة، ولم نوفق لدحر العدو وهزيمته.
وهكذا كان الأمناء على مصلحة الأمة يفكرون ويتناقشون قبيل أن ساقت فرنسا جيشها من الساحل إلى الداخل، أما العامة ومن كان يحمسهم فقدر عن مبلغهم من الخيالات ولا حرج. ولقد قال يوماً أحد دعاة العامة ممن أضروا كثيراً بحماستهم قضية الاستقلال في مجلس عقد بدمشق من خاصة القوم ليقرروا الحرب مع فرنسا أو الصلح وتأليف عصابات تغزو المنطقة الغربية: إن فرنسا عجزت بعد الحرب العامة أن ترسل إلى الشام بضعة أنفار من جيشها، وليس لديها مال، وما تهددنا به من قوتها لا تستطيع إنفاذه، فالأولى أن نتكل على الله ونبدهها بالحرب. فأجاب صاحب هذه الخطط وكان في الجلسة من جملة المدعوين: لست من أمراء الجيش حتى أعرف ما عنده من القوى المادية، ولكنني أعرف فرنسا وقوتها ولا أكون إلى المبالغة كثيراً إذا قلت إن فرنسا تستطيع أن تكتسح الشام من جنوبه إلى شماله إذا أرسلت علينا عوران حربها الأخيرة فقط، فيجب علينا يا سادتي أن لا نغش أنفسنا ونتذرع بالمحال.
كانت الحكومة العربية في أيدي العامة والهزائين من أمراء جيشها، وخطط الأحزاب متضاربة، وأعضاء كل حزب متعادون متشاكسون بينهم، وكان الجنرال غورو المفوض السامي في سورية ولبنان يعزز جيشه في الساحل ويستدعي