وبلغ الجيش الحِجْر أرض ثمود فنهاهم الرسول عن مائه، ووصلوا تبوك فأقام بها عشرين ليلة، وسميت هذه الغزوة غزوة تبوك، ولم يلق المسلمون في هذه المعركة كيدا. وأتى يحنة بن رؤبة أُسقف أيلة على البحر الأحمر فصالحه الرسول على الجزية. وكتب له كتابا صورته:
بسم الله الرحمن الرحيم: هذا أمنة من الله ومحمد النبي ليحنة بن رؤبة وأهل أيلة أساقفهم وسائرهم في البر والبحر، لهم ذمة الله وذمة النبي ومن كان معهم من أهل الشام وأهل اليمن وأهل البحر، فمن أحدث منهم حدثاً فإنه لا يحول ماله دون نفسه وإنه طيب لمن أخذه من الناس. وإنه لا يحل أن يمنعوا ما يريدونه ولا طريقاً يريدونه من بر أو بحر. هذا كتاب جهنم بن الصلت وشرحبيل بن حَسَنة بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ذلك في سنة تسع من الهجرة.
وصالح الرسول أهل جرباء وأذْرُح من أرض الشراة، صالح أهل أذْرُح على مائة دينار، وصالح أهل مَقْنا على مقربة من أيلة على ثلاثمائة دينار على ربع عروكهم وغزولهم وربع كُراعهم وحَلْقتهم وعلى ربع ثمارهم وكانوا يهوداً، وكتب
إليهم هذا الكتاب: بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد رسول الله إلى بني حبيبة وأهل مقنا سلم أنتم فإنه أنزل عليَّ أنكم راجعون إلى قريتكم، فإذا جاءكم كتابي هذا فإنكم آمنون ولكم ذمة الله وذمة رسوله، وإن رسول الله قد غفر لكم ذنوبكم وكل دم اتبعتم به لا شريك لكم في قريتكم إلا رسول الله أو رسول رسول الله. وإنه لا ظلم عليكم ولا عدوان، وإن رسول الله يجيركم مما يجير به نفسه فإن لرسول الله بزتكم ورقيقكم والكراع والحلقة إلا ما عفا عنه رسول الله أو رسول رسول الله، وأن عليكم بعد ذلك ربعَ ما أخرجت نخيلكم وربع ما صادت عروككم وربع ما اغتزلت نساؤكم وأنكم قد ثريتم بعد ذلكم ورفعكم رسول الله عن كل جزية وسخرة، فإن سمعتم وأطعتم فعلى رسول الله أن يكرم