خطط الشام (صفحة 747)

بأيدي أبناء الترك، وهؤلاء وإن لم يكونوا أتراكاً كانوا يبذلون الجهد للقضاء على التركية وإسدال الحجاب عليها، وكان الملوك يعتصمون بالإسلام فأورثوا بذلك التعصب قوة

6ً كانت الكنيسة الروسية الأرثوذكسية عاملة على الانتقام لمملكة بيزنطية فبشعور روسيا بهاذ الانتقام، وحرصها على جعل الأتراك روساً في لغتهم ومناحيهم، كانت تحارب تركيا أبداً وهذا من جملة أسباب الانقراض.

إلى أن قال: إن الحكومة العثمانية تذرعت بالمعنويات ولم تلتفت إلى الماديات، وهذا من أعظم خطيئات الترك العثمانيين، وكان عليهم أن يجمعوا الأتراك بأسرهم تحت علم واحد، وبدلاً من أن يجعل العثمانيون حرثهم نسقاً واحداً هبوا كالأسود الظمأى إلى أواسط إفريقية يلتمسون السراب عبثاً، ومن طرف آخر انصرفوا إلى أوربا كالطيور التي جعلت قلوبها كالسباع، فنطحوا برؤوسهم بلا موجب قلاع فينا ثم وقفوا ورؤوسهم دامية. ومن أعظم دواعي الأسف أنهم فتحوا سبيل الرواج للسانين العربي والفارسي، فداس هذان العنصران لسانهم الخاص أي التركية،

وعبث بالأمة الفقر والجهل إلخ. ونحن نقول إن السبب الأعظم تغافل الدولة عن تقليد الغرب في الماديات والمعنويات فظهر على توالي القرون الفرق بين الخامل والعامل، وكان تركيب الدولة من عناصر مختلفة، ومعظمه كان في بدء أمرها من غير المسلمين، من جملة الدواعي في عدم تركيبها مزجياً، خصوصاً ومعظم تلك العناصر أرقى من الترك الأصليين عنصراً وأعظم تاريخاً، ولا عيش للمتوسط مع الذكي، وإذا أخضعه لسلطانه بالقوة فإلى حين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015