وصرح القائد مكاندرو في خطاب له في إحدى المآدب بحضور المستر مارك سايكس والمسيو جورج بيكو بعد أن أثنى على شمم العرب وذكائهم ونبوغهم وشجاعتهم بقوله: ومما يلفت النظر أنهم بفرط بسالتهم وإقدامهم سبقونا إلى حلب بيوم كامل أربعاً وعشرين ساعة.
احتل العرب قلعة حلب ودار حكومتها، وقد فقدوا أربعة وخمسين جندياً، وأحصوا أربعمائة قتيل تركي في الشوارع. وذعر الترك لأنهم أصبحوا بين عدوين الجيش المهاجم والأهالي وانقض زعماء بادية حلب على الجيش التركي، عندما كان يدافع على سلامته على أبواب حلب، للسلب والنهب. وفي 26 تشرين الأول بدأ الجيش العربي بمهاجمة الأتراك في القسم الشمالي الذي كانوا فيه من المدينة فأجلوهم وتبعهم فرسان البريطانيين في اليوم التالي فواصلوا الزحف شمالاً إلى أن بلغوا المكان الذي تتقاطع فيه سكة حديد بغداد وسكة حديد سورية، وقد وقعت في قطمة معركة شديدة بين الأتراك والبريطانيين قتل فيها كثير من الفريقين وانتهت بانهزام الأتراك إلى الشمال والجيوش البريطانية تتأثرهم، والأتراك يرتكبون الفظائع في القرى المستضعف أهلها، ووقف البريطانيون على كيلو مترات قليلة من شمالي حلب، فأبلغت إنكلترا قائد جيوشها بعقد الحلفاء الهدنة مع الأتراك يوم 31 تشرين الأول، وكان الأتراك يتذرعون بالهدنة منذ بدء الهزيمة الكبيرة في فلسطين، ولكن بريطانيا العظمى سوفت في الأمر ريثما أخرجت الترك من الشام كله بالقوة على ما يظهر، وبعد الهدنة ظلت شراذم من الجيش التركي في حارم وإنطاكية وبيلان وإسكندرونة لم تستطع اللحاق بالجيش المنهزم، فتفسخت وتخللتها الفوضى، وانقلبت إلى شبه عصابات تسلب وتنهب وتؤذي الأهلين، إلا أنها لم تلبث أن انضمت إلى المنهزمين وراء جبال طوروس أو دخلت في الطاعة واستسلمت.
ومن شروط الهدنة مع الأتراك تسليم حامية الحجاز وعسير واليمن والشام وما بين النهرين وانسحاب الجيوش من قلقية عدا من يحافظون على الأمن، وكان الفريق فخري باشا محاصراً في المدينة المنورة في خمسة عشر ألف جندي، ولم يسلم إلا عندما جاءه الأمر من حكومته في الأستانة أي في كانون الأول. وبينا كان الأمير فيصل لأول الاحتلال العربي في حلب وردت عليه برقية من