أحيانا إلى حلب ودمشق وعكا ثم يرجع حتى يرقب عن أمم حالة بلاد الأكراد، وكانت منتقضة على الدولة العثمانية إذ ذاك. وكان إبراهيم باشا يوقع على كتاباته الرسمية الحاج إبراهيم والي جدة والحبشة وسر عسكر حالاً وبعد فتوح عكا صار توقيعه هكذا سر عسكر عربستان أي قائد جيوش بلاد العرب وفوض محمد علي ولاية دمشق إلى شريف باشا وماليتها إلى حنابك البحري، وكان هذا من المقربين جداً من محمد علي، ثم رأت الحكومة المصرية فصل حلب عن ولاية دمشق 1838م وأقامت واليا عليها إسماعيل بك ابن عم إبراهيم باشا حاكماً مستقلاً، ورجح مشاقة أن السبب في ذلك الثورات التي حدثت في الأقاليم والقلاقل التي
ذهبت براحة الأهالي والتعدي والحروب التي أفنت معظم الرجال لأنها كانت كلها محصورة بإدارة واحدة وهي دمشق، ولذلك حصل للحاكم العام عثرات جمة في تنفيذ أوامره للبعد بين البلدان. وعهد تنظيم مالية حلب لجرمانوس البحري، وقيل: إن حكومة محمد علي كانت إلى الرفق بدمشق أكثر منها في حلب، لأن الحلبيين قاوموا إبراهيم باشا بعض المقاومة، ولم ينزلوا عن القلعة حالاً، وقال مشاقة: بل دخل بدون معارض فوضع عليهم غرامات حربية وغرمهم مالاً لاحتكار بعض الأصناف حتى يستفيد من ذلك أعوانه.
وكان من أول أعمال إبراهيم باشا الجليلة في الديار الشامية ترتيب المجالس الملكية والعسكرية، وإقامة مجلس الشورى وغيرها من النظم الحديثة، وترتيب المالية، جعل نظاماً لجباية الخراج ومعاملة الرعايا بالمساواة والعدل، لا تفاوت في طبقاتهم ومذاهبهم، ولذلك لم يلبث الأمراء والمشايخ وأرباب النفوذ أن استثقلوا ظل الدولة المصرية، وتمنوا رجوع العثمانيين ليعيشوا معهم كالحلمة الطفيلية تمتص دماء الضعفاء وينالهم من ذلك مصة الوشل ورأت الشام في أيام إبراهيم باشا إبطال المصادرات، وتقرير حق التملك، وتوطد الأمن في ربوعها، وأحييت الزراعة والتجارة والصناعة، وعمت تربية دود