وبلغ عدد القتلى من الترك 2000 والأسرى 3000 وتقهقر الجيش التركي إلى حلب، وحاول حسين باشا دخولها فمنعه أهلها خوفاً من انتقام إبراهيم باشا فتقهقر إلى بيلان فتقدم الجيش المصري ودخل حلب وتأثر الجيش التركي فهزمه وغنم منه خمسة وعشرين مدفعاً وكان غنم منه أولاً اثني عشر مدفعاً ثم غنم أربعة عشر مدفعاً آخر وقتل من العثمانيين أربعة آلاف ومن المصريين خمسمائة وخمسون، ووقع في يد إبراهيم باشا ألفان من العساكر النظامية أسرى من الأرناؤد والهوارة فأعطاهم الأمان وأدخلهم في جملة جنده، واختفى حسين باشا ولم يعرف له أثر، واجتاز إبراهيم باشا جبال طوروس وكان السلطان في هذه المدة جيش ستين ألف مقاتل آخر وفي رواية أُخرى مائة وخمسين ألف عسكري بالمدافع والمهمات ولم يكن مع إبراهيم باشا سوى ثلاثين ألفاً فالتقى الجيشان في سهول قونية ووقع القائد رشيد باشا أسيراً في أيدي المصريين وانهزم الأتراك وغنم المصريون منهم في هذه الوقعة نيفاً ومائة مدفع وكثيراً من الذخائر وأسروا عشرة آلاف عسكري بينهم كثير من الضباط والقواد وقتل منهم ثلاثون ألفاً.
ويقول مشاقة: إن جيش حسين باشا لم يكن سوى أربعين ألفاً من الترك، على حين لم يكن مع إبراهيم باشا سوى اثني عشر ألفاً وكان أبقى من عسكره جانباً للمحافظة في الأقاليم المفتتحة وهلك الآخر في الحرب أو الوباء فغَلب، وهذا أقرب إلى المعقول. وقد استغرب كامل باشا لِمَ لم تستطع الدولة أن تجيش في الحال نحو عشرين إلى ثلاثين ألف جندي من حلب ودمشق وترسل أسطولاً إلى عكا يصد عنها أُسطول محمد علي أو يقيم العثرات في سبيله، كما أنه استغرب كيف أن العثمانيين لم يحفظوا خط رجعتهم ولم يقفوا موقفاً يردون به عادية أعدائهم،
وانهزموا تحت نيرانهم إلى الإسكندرونة تاركين خمسة وعشرين مدفعاً وألقي أسير على حين لم يفقد من المصريين سوى عشرين جندياً. وقد وصف الشيخ أمين الجندي فعال الأتراك وهنأ عزيز مصر وولده إبراهيم وحفيده عباساً بفتح الشام فقال من قصيدة:
والله غيَّر ما بهم من نعمة ... لما تغير حالهم وتبدلا
وقد استباحوا المنكرات فلا تسل ... عما توقع منهم وتحصلا