المتاع وشعلوا فيها النيران ثم رجع إلى وطنه ومعه غنائم كثيرة من الخيل والمتاع والأثاث والطعام وقتل من أهل الشام عدة. وساق والي دمشق يوسف باشا حملة على مصطفى بربر متسلم طرابلس واستنجد بالأمير بشير الشهابي حاكم لبنان فلم ينجده معتذراً بفتن
النصيرية والإسماعيلية وأن الجند اللبناني مضطر إلى أن يرابط الجبل، فنال والي دمشق من متغلب طرابلس بالإجاعة وطول الحصار.
صدر الأمر السلطاني في سنة 1225 إلى سليمان باشا والي صيدا أن يقتل والي دمشق كنج يوسف باشا ويصادر أمواله. لأن يوسف باشا عجز عن سوق قوة لقتال ابن سعود ورأى كما قال جودت، اشتغال الدولة بمشاكلها الداخلية والخارجية فرصة لادخار المال، وأكثر من الاعتداء على الأهلين وظلمهم، واختلس زيادة على هذا أموالاً كثيرة من مرتبات الحج. ومما قاله السلطان لوالي صيدا في أمره الصادر بهذا الشأن: إني آمل منك صداقة وحسن خدمة لأنك تربية الغازي الجزار أحمد باشا حتى لا يقال إن هذا راح ولم يخلف إنساناً!. ومعنى ذلك أن الدولة كانت راضية عن الجزار إذا ذكرته تذكره بأنه مثال رجالها الأمناء، وما ذلك إلا لأنه كان يؤدي لها الخراج في الجملة ويقاتل أعداءها ويرشي جماعة الأستانة بالمال على الدوام. أما سوء سيرته في الرعية وظلمهم وتقتيلهم فهذا لا ينقص بزعمها قدر الرجال، بل يجب على العمال أن يتقيلوا مثاله.
ولما جاء سليمان باشا في جند من الدروز وغيرهم لأخذ دمشق من كنج يوسف باشا تعصب الدمشقيون لواليهم القديم، ووقع القتال في أرض الجديدة وداريا، فانهزم الدمشقيون وظفر العسكر اللبناني والعكاوي وقتل كثير من الدمشقيين. وفي هذه الوقعة يقول المعلم نقولا الترك في مدح الأمير بشير:
وخاض غمار الحرب تحمل خلفه ... ثلاثة آلاف تصول وتخطر
فلاقته فرسان المنايا مغيرة ... تنادي على الباغين: الله أكبر