وهزموهم إلى مئذنة الشحم ثم ارتدوا عليهم وأخذوا طالع الفضة، ونهب الخلق تلك الجهة كلها، وراح الحرس مكسورين ثم عادوا وهزموا الوطنيين عند الشيخ عمود فنال الفريقان أحدهما من الآخر على غير طائل. ولم يقف شقاء دمشق عند حد التقاتل بين الجند بل أسرف الوالي كنج يوسف باشا 1222 في ظلم الناس وأراد ستر ذنوبه فأرسل إلى الدولة ألف كيس من المال لإنعامها عليه بإمارة الحج وإيالة طرابلس مع ولاية دمشق وذهب إلى نابلس وقهر أهلها وجبى منهم أموالاً عظيمة ثم ذهب إلى جبل النصيريين وقاتلهم وانتصر عليهم وسبى نساءهم وأولادهم، وكان خيّرهم بين الدخول في مذهب أهل السنة والخروج من جبالهم فامتنعوا وحاربوا وخذلوا، وبيعت نساؤهم وأولادهم، فلما شاهدوا ذلك أظهروا التسنن فعفا عنهم وتركهم في
أرضهم بعد أن حاربهم شهرين ونهب قراهم، ثم رحل إلى طرابلس ليقبض على مصطفى بربر متسلمها، فتحصن هذا في القلعة فوقع القتال، وكان الحصار أحد عشر شهراً وطرابلس خلال هذه المدة خالية من سكانها وقد جمعوا في الخانات سلعهم ومتاعهم وماعونهم، ثم دخل يوسف باشا البلد وأطلق لعسكره الأكراد والأرناؤد وغيرهم النهب فلم يبقوا على شيء فيها وأنزل عسكره في الدور فخربوها بأخذ خشبها للدفء والوقود. وتوسط سليمان باشا والي صيدا عند الدولة فعفت عن مصطفى بربر وتسلم يوسف باشا القلعة. وكان مصطفى بربر من خدام الأمير حسن أخي الأمير بشير فتوصل بذكائه وشجاعته إلى المناصب العالية وحاز اعتبار الوزراء وخشية الرعية.
في غضون سنة 1221 خلع سليم الثالث بيد الإنكشارية وقتل لأنه أراد أن ينفذ خطة في إصلاح الإدارة على الرغم من حروبه مع روسيا والنمسا وغيرهما من دول الغرب، وينشئ عسكراً جديداً يستعيض به عن الإنكشارية وكان هذا السلطان واسع النظر لكن الدهر خانه فلم يقدر أن يطبق إصلاحه،