المتوسط غرباً إلى جبل عجلون شرقاً، وكانوا يرجعون في أحكامهم إلى أصول العشائر حسبما توحيه إليهم ضمائرهم، وقد شادوا في الأقاليم أبنية ضخمة فرم ظاهر العمر بعض ما تمكن من ترميمه مما خربته الحروب الصليبية ورفع سور عكا الداخلي، وشاد فيها جامع محلة الجرنية وبنى علي في صفد القلعة الباقي شيء من آثارها إلى اليوم، وبنى صليبي في طبرية السرايا المعروفة اليوم باسم الصقرية نسبة إلى عرب الصقر الذين صال عليهم صليبي واكتسحهم، وعمر الجامع الواقع جنوب السراي، ورم عثمان قلعة قرية شفا عمرو وعمرها، وبنى أحمد قلعة تبنة، وشيد سعد قلعة دير حنا. وهذه القلاع الثلاث لا تزال موجودة، وعمر في دير حنا الجامع الموجود إلى اليوم وكان بناؤه سنة 114هـ.
أخذ الجزار بعد استلام ولاية صيدا سنة 1191 يقوى وتشتد شكيمته خصوصاً وقد ولي دمشق مع بقاء عكا عليه، ثم استقل بولاية عكا وأخذ يغزو متغلبة تلك الأرجاء فوقعت بينه وبين الأمير يوسف الشهابي وقعة سنة 1191 في نقار السعديات بين صيدا وبيروت فلم يسلم من جماعة الشهابي إلا القليل، وأحرق عسكر الجزار المكاس والجديدة والدكوانة في لبنان وقتل أناساً من أهلها، ثم وقعت بين عسكر الدولة عسكر لبنان في المغيثة عدة وقائع انتصرت الدولة فيها على أهل الجبل وقتل منهم قتلى كثيرة وأكثرهم من المتن وداهم عسكر الدولة بني
الحرفوش في بعلبك وأحرقت الدولة زحلة. وقوي الجزار بمجيء ستمائة فارس من اللوند وكانت الدولة أمرت بقتل جماعتهم وكانوا ستة عشر ألفاً، فلم يسلم منهم إلا الذين جاءوا الجزار، ولما عزم على الإقامة في عكا ابتدأ بإصلاح أسوارها وإتقان بنيانها وجعل على كل قرية أن يحضر أهلها جميعاً ثلاثة أيام في الأسبوع بالسخرة لأجل العمارة.
وجرت حروب كثيرة بين الشيخ علي بن الشيخ ظاهر العمر وعساكر الجزار حتى قتل على ما سلف، وكذلك بين الجزار والأمير يوسف الشهابي والتقى مرة في طريق صيدا وعسكر الجزار بالنكدية وكانوا يكمنون له فقتل