وزحفوا إلى السويقة ومعهم العملة والبناءون فحرقوا الدور والقصور وأطلقوا المدافع على الأشقياء فولوا الأدبار، فأمر المتسلم عسكره أن يقعوا في نهب الدور والدكاكين. وروي أنه أخرج فتوى وحجة وأمراً قاضياً بأن ينهب الجند من حد السويقة ويقتلوا ويهدموا ولا يعفوا عن إنسان فسلبوا الأموال وسبوا الحريم. ولما هرب الدروز نودي في البلد بالأمان وأن تفتح الأسواق ويكف عن النهب قال ابن بدير: وقد سرت مع من سار فرأيت فضائح الميدان، والقتلى مجدلة، والأبواب محطمة، والدكاكين مقفرة، ثم اضطرب أهل القبيبات والميدان والسويقة وباب المصلى وأخذوا ينقلون أثاثهم إلى داخل المدينة مثل باب السريجة والقنوات وغيرهما من الحارات. وخاف الأكابر والحكام والعامة فجعلوا يعزلون الدكاكين ويخبأون ما حوته في البيوت وبلغ عدد الدور المنهوبة في هذه الوقعة كما قيل ألفاً وتسعمائة دار وأما الحوانيت فكثيرة جداً.
هذا وقد أخذ القبوقول يمسكون الناس ويأتون بهم إلى الحكام ويقولون: هذا كان يقاتل مع الأشقياء فيقتلهم المتسلم من غير حجة ولا إثبات، ولا قصد للقبوقول إلا أخذ ثارات لهم مضت مع الإنكشارية، إلى آخر ما أصاب دمشق في ذاك العام من حرق ونهب وغلاء وفضائح وفظائع. وكان من العادة أن تغلق أرتجة الفيحاء وحوانيتها جملة عند اندلاع لسان الفتن بين القبوقول والإنكشارية وبينهم وبين الدالاتية والأشراف والأكراد والدروز، حتى ينادي منادٍ من قبل الحاكم يأمر بفتح الدكاكين ويطمن الناس.
وجاء دمشق 1161 أحد موالي أسعد باشا العظم وكان نقل بعد ولايته دمشق إلى
حلب، فذكر الإنكشارية والعامة ظلمه أيام كان سيده حاكماً في دمشق فقاموا قومة رجل واحد فالتجأ إلى القلعة وحماه القبوقول، ولما أُريد على الخروج من دمشق أبى فأغلقت البلدة دكاكينها ومحالها وتجمع الإنكشارية وتبعهم الناس وتعصب العناتبة والأكراد والدالاتية مع القبوقول وأهل حارة العمارة وحدثت غارة في سوق الدرويشية وأُطلقت النيران على الإنكشارية ثم قاموا على أهل حي العمارة فانهزم أهلها منها وأحرقوها حتى صارت بلقعاً وراح أهلها إلى الجامع الأموي، ودامت الفتنة أياماً حتى قر رأي الأكابر والأمراء على إخراج مولى ابن العظم من دمشق فأخرج ولم تطفأ جذوة الفتنة، لأن