المحبي بلاد عمه أي الشوف والغرب والجرد والمتن وكسروان وكان حازم الرأي عاقلاً حسن التصرف فلهذا أبقي مدة تزيد على عشرين سنة لم ينغص له فيها عيش إلا مرة واحدة لما قصده ابشير باشا وكان ذلك بإغراء بعض المفسدين وانتصر في تلك الوقعة. وفي خلال ذلك كان درويش الشركسي المعروف بالمجنون والياً على تدمر فكان يغير على العربان وينهبهم ويأسر منهم ويدخل إلى دمشق بالمواكب الحافلة، ثم ولي لواء عجلون فثار بينه وبين أهلها حروب كثيرة وكسروه.
وروى نعيما 1065 عند كلامه على والي حلب ابازه حسن باشا أنه كان من أبناء الجد بلغ المناصب بصور غريبة وهو شقي يميل إلى الفساد والمظالم، وإذا أريد تسطير ما أتاه من الجور على الرعايا لاستلاب أموالهم اقتضى ذكر مجمله كتاباً ضخماً. وأن الحكام كانوا يجبون الجباية ضعفين فيأخذون ممن يقضي عليه أداء عشرة آلاف عشرين ألفاً، ومن يغرم الخمسين مائة أو مئات، ولم يكن لتعديهم غاية ولا لظلمهم حد يقف عنده، فتهلك القرى والدساكر بمظالم الجند الذين يرسلهم الولاة والقضاة ممن كانوا يبتاعون بالرشاوى مناصبهم فيغضي عنهم الكبراء لأنهم شركاؤهم فكان من يرفعون ظلاماتهم إلى الآستانة لا يجدون أذناً صاغية وربما انعكس الأمر عليهم وصدّق رجالها الوالي الظالم وسفه أحلام المتظلمين فيزيد الظالمون في ظلمهم. قال: وكان الفقراء يرتحلون عن أراضيهم فأصبحت القرى المعمورة والقصبات المشهورة مروجاً ينعق فيها غراب الخراب، وإذا كان من يحاولون الجلاء عن أرضهم أغنياء يسوق الوالي عليهم الأربعمائة والخمسمائة من جنده ينهبهم ويسبيهم اه. ومن الغريب أن يكون حسن أبازه باشا والياً على حلب على عهد صدارة الوبرلي الذي يقدسه العثمانيون بإدارته ولعلهم يحكمون على الرجل من رجالهم بحسن الإدارة والإصلاح بمجرد بطشه بالعصاة وإجهازه على
من لا تروقه أعمالهم أو ينازعونه في سلطانه، أما تقاضي الجباية مرتين من الرعايا وإلقاء الفتن الدائمة بينهم فليس من المسائل الجوهرية في قائمة أعمالهم! وحسن أبازه باشا، خرج عن طاعة الدولة في حلب ومات في تلك النواحي وانضم إليه السكبان وخمسمائة جندي كانوا مع نائب دمشق أحمد باشا الطيار فعينت الدولة