بعض الكتب تعاليق لحوادث جرت، وأمور اهتم لها الناس وشغلت مجتمعهم، ومن مثل تلك الأوراق ومن العهود والصكوك ضم هذا السفر جانبا.
بحثت جد البحث عما دُوّن في التاريخ العام أو الخاص بتاريخ بلد من أرض الشام، فرأيت يد الضياع قد غالتها إلا قليلا، وقد أهمني منها الاطلاع على تاريخ صفد للعثماني وتاريخ البرزالي وتاريخ حلب الكبير لابن العديم وتاريخها لابن أبي طي وتاريخ حمص لابن عيسى ولعبد الصمد بن سعيد وأخبار قضاة دمشق للذهبي
وتاريخ ابن أبي الدم الحموي وتاريخ قنسرين وتاريخ إنطاكية وتاريخ المعرة لابن المهذب وتواريخ كثيرة في سير مشاهير الفاتحين كتبها أمثال ياقوت الحموي وابن شداد وابن واصل وابن حبيب وابن الداية وابن عبد الظاهر وابن تيمية والجبريني والعسقلاني، فلم أظفر بسوى ورقات من بعضها، أو مختصرات ومنقولات لا تبل غلة، حُرفت بالنقل فتشوهت محاسنها.
ولقد وددت لما تيسر وضع خطط الشام على هذه الصورة لو ساغ لي أن أصبر عليه زمنا آخر حتى يتم التحقيق فيه على ما يجب عملا بالحكمة التي تمثل بها الثعالبي في اليتيمة قال: وكلما أعرته على الأيام بصري، وأعدت فيه نظري، تبينت مصداق ما قرأته في بعض الكتب، أن أول ما يبدو من ضعف ابن آدم، أنه لا يكتب كتابا فيبيت عنده ليلة، إلا أحب في غدها أن يزيد فيه أو ينقص منه، هذا في ليلة فكيف في سنين عديدة. ولكن رأيت بعد طول التأمل أن من الحزم الاكتفاء بما تهيأ في هذه السنين، والتمحيص بحر لا ساحل له، ولطالما ذكرت وأنا أغوص في الكتب المختلفة التي طالعتها قول المؤرخ فوستيل دي كولانج ليس التاريخ من العلوم السهلة فلأجل يوم واحد يصرف في التركيب ينبغي قضاء أعوام طويلة في التحليل. على أني لما راجعت مسودات ما صنفت ورأيتني قد تذوقتها فهضمتها، أيقنت أنه لا يثقل على القراء في الجملة، فأبرزته خائفا حوادث الأيام، ونزول داعي الحمام، وأنا موقن بأن فوق