سراً ليوليهما الشام ومصر على ما قيل إذا ساعداه على فتح هذا القطر، فلما انهزمت ميمنة الغوري وقتل الأتابكي سودون العجمي وملك الأمراء سيباي نائب الشام، انهزم جانب كبير من العسكر وانهزم خير بك وهرب فانكسرت الميسرة وكان ابن معن وأمراء الساحل صحبة خير بك والغزالي فقال الأمير ابن معن لمن معه من رجاله وقومه: دعونا ننفرد لننظر لمن تكون النصرة فتقاتل معه. ولما اضطرمت نار الحرب فرّ الغزالي وخير بك إلى ناحية عسكر السلطان سليم بمن معهم من أمراء الديار الشامية وبقي الغوري بعسكر المصريين أي عسكر الشام والمغول عليهم من أمرائها من الشراكسة والوطنيين قد استمالهم السلطان فقاتلوا في صفوفه بدلاً من أن يقاتلوه، ونائب الشام سيباي الذي كان يتطير منه الغوري لأن اسمه يبدأ بحرف السين قد هلك دونه في المعركة يدافع عن ملك سيده لا كما كان هذا يتوهم.
اختلف تقدير المؤرخين لقوة العثمانيين والمماليك فأغلبهم على أن ابن عثمان كان في أربعين ألف مقاتل مجهزين بمدافع حسنة، وروى نامق كمال أن العثمانيين كانوا في ثمانين ألفاً وثمانمائة مدفع، وأن الغوري كان في خمسين ألفاً لا مدافع
لهم. وذكر الغزي أن الغوري أتى من حلب إلى دابق في ثلاثين ألفاً وقال ابن طولون: إن السلطان سليماً وصل إلى دمشق في عساكر عظيمة لم تر العين مثلها يقال: إن عدتها مائة ألف وثلاثون ألفاً. وذكر بعض المؤرخين أن السلطان سليماً أمر أن تعد القتلى من الفريقين في مرج دابق فكان قتلى الشراكسة ألف نفس وقتلى الروم أي الترك أربعة آلاف. وكان فقدان المدافع من جيش الغوري وخيانة ربع جيشه وعدم ثقته بأحد من دواعي القضاء عليه وعلى سلطانه، وأهم ذلك خيانة بعض قواده وامتناع الأمراء عن الدفاع في صفوفه أو يظهر لهم الغالب
قويت نفس السلطان سليم بما أصاب جماعته من الانتصار الباهر، وما قتل من رجال الغوري، ثم تحول من مرج دابق ودخل حلب من غير ممانع، ونزل في الميدان الذي كان السلطان الغوري نزله، وانتشر خبر الهزيمة وقتل