ومنها:
لهفي على كتب العلوم ودرسها ... صارت معانيها بغير بيان
أعروسنا لك أُسوة بحماتنا ... في ذا المصاب فأنتما أختان
غابت بدور الحسن عن هالاتها ... فاستبدلت من عزها بهوان
ناحت نواعير الرياض لفقدهم ... فكأنها الأفلاك في الدوران
حزني على الشهباء قبل حماتنا ... هو أول وهي المحل الثاني
لا تدّعي الأحزان يا شقراءنا ... السبق للشهباء في الأحزان
رتعت كلاب المغل في غزلانها ... وتحكمت في الحور والولدان
لهفي عليك منازلاً ومنازهاً ... ومقام فردوس وباب جنان
ثم رجع ورثي دمشق فقال:
لم أدر من أبكي وأندب حسرة ... للقصر للشرفين للميدان
للجبهة الغراء أم خلخالها ... للمزّة الفيحا أم اللوّان
-
وعلى ما منيت به دمشق من قتل سكانها وسبي نسائها وأولادها، وإحراق مصانعها وبيوتها، واستخراج أموالها وطرائفها، أصابتها من تيمور مصيبة لا تقل عن تلك في إرجاعها القهقري وإضعافها إضعافاً لا يجبر كسره في قرون وإليك ما قاله ابن عربشاه في تفصيل هذا الهول العظيم: وبينا كان رجال يحاصرون قلعة دمشق أخذ هو يتطلب الأفاضل وأصحاب الحرف والصنائع، واستمر نهب عسكر تيمور لدمشق ثلاثة أيام، وارتحل وجماعته وقد أخذ من نفائس الأموال فوق طاقتهم، فجعلوا يطرحون ذلك في الدروب والمنازل، وذلك لكثرة الحمل وقلة الحوامل، وأصبحت القفار والبراري، والجبال والصحاري، من الأمتعة والأقمشة، كأنها سوق الدهشة، وكأن الأرض فتحت خزائنها، وأظهرت من المعادن والفلزات كامنها، وأخذ تيمور كل ماهر في فن من الفنون بارع من النساجين والخياطين والحجارين والنجارين والاقباعية والبياطرة والخيمية والنقاشين والقواسين والبازدارية وبالجملة أهل أي فن كان، وأخذ جملة من العلماء والأعيان والنبلاء، وكذلك كل أمير من أمرائه