وتعوض عنها بتل باشر مضافاً إلى ما بيده من تدمر والرحبة. ولما بلغ ذلك الصالح أيوب شق عليه وسار من مصر إلى الشام لارتجاع حمص من الحلبيين ونصب عسكره عليها منجنيقاً مغربياً يرمي بحجر زنته مائة وأربعون رطلاً بالشامي مع عدة منجنيقات أُخر، ثم رحل عنها لمرض عرض له، ولوصول الفرنج إلى دمياط ولمجيء رسول الخليفة والسعي في الصلح بين الصالح أيوب والحلبيين وأن تستقر
حمص بيد الحلبيين. ثم استولى الصالح أيوب على الكرك أعطاه مفاتيحها الأمجد فوهبه خمسين ألف دينار.
توفي الملك الصالح أيوب في سنة 647 وكان ملك مصر والقسم الأعظم من الشام. وصفه أبو الفداء بأنه كان مهيباً عالي الهمة عفيفاً شديد الوقار والصمت جمع من المماليك الترك ما لم يجتمع لغيره من أهل بيته، حتى كان أكثر أمراء عسكره مماليكه، ورتب جماعة من المماليك الترك حول دهليزه دعوا بالبحرية لأنهم كانوا ينزلون في ثكنات لهم في جزيرة الروضة على البحر بحر النيل وكانوا أول كتلة اجتمعت من هذا الجيل من الناس وألفوا دولة المماليك البحرية. مات الملك الصالح ولم يوص بالملك إلى أحد فأحضرت شجرة الدر، وهي جارية الملك الصالح، فخر الدين بن الطواشي وجمال الدين محسناً وعرفتهما بموت السلطان، فكتموا ذلك خوفاً من الفرنج، وجمعت شجرة الدر الأمراء وقالت لهم: السلطان يأمركم أن تحلفوا له ثم من بعده لولده المعظم تورانشاه المقيم بحصن كيفا، فجاء وتسلم ملك مصر إلا أنه مدته لم تطل أكثر من شهرين وأياماً، فقتله المماليك البحرية الذين أنشأهم والده، وكان أول من ضربه ركن الدين بيبرس الذي صار سلطاناً فيما بعد ولقب بالملك الظاهر، والسبب في قتله أنه اطرح جانب أمراء أبيه ومماليكه واعتمد على بطانته التي وصلت معه من حصن كيفا وكانوا أرذال. وأقام رجال الدولة شجرة الدر زوجة الملك في المملكة وخطب لها على المنابر وضربت السكة باسمها، وأرسل المصريون رسولاً إلى من بدمشق من الأمراء في موافقتهم على ذلك فلم يجيبوا إليه، وكاتب الأمراء القيمرية الناصر يوسف صاحب حلب فسار إليهم وملك