أحمد، وبعدهما لابن عمهما المنصور محمد بن عبد العزيز بن عثمان، وحلف الأمراء والأكابر على ذلك، وجعل الحكم في الأموال والقلاع إلى شهاب الدين طغريل الخادم، وكانت
مدة ملك الظاهر لحلب إحدى وثلاثين سنة، وكان فيه بطش وإقدام على سفك الدماء ثم أقصر عنه، وهو الذي جمع شمل البيت الناصري الصلاحي ولكن اختلافه مع أخيه الأفضل كان من أهم الأسباب في زوال الملك من ذرية صلاح الدين وكان الظاهر ذكياً فطناً. قال سبط ابن الجوزي: كان مهيباً له سياسة وفطنة وكانت دولته معمورة بالعلماء والفضلاء، مزينة بالملوك والأمراء، وكان محسناً إلى الرعية ملجأ الفقراء والغرباء وكهفاً للملهوفين.
بينا كانت المملكة مشتغلة بالنصب والغزل وتقاتل أبناء البيت الواحد على الملك والسلطان، اجتمعت الفرنج من داخل البحر ووصلوا إلى عكا في جمع عظيم وهذه هي الحملة الصليبية الخامسة 1219 - 1221م وكانت مؤلفة من ألمان ومجر أما الحملة الرابعة فكانت توقفت في طريقها إلى الشام واستولت 1204 - 1261م على القسطنطينية فانفسخت بذلك الهدنة بين المسلمين والفرنج وخرج العادل بعساكر مصر ونزل على نابلس فسارت الفرنج إليه، ولم يكن معه من العساكر ما يقدر به على مقاتلتهم، فاندفع قدامهم إلى عقبة فيق فأغاروا على أرض المسلمين وكانوا في خمسة عشر ألفاً ووصلت غارتهم إلى نوى ونهبوا ما بين بيسان ونابلس وبثوا سراياهم فقتلوا وغنموا من المسلمين شيئاً كثيراً وبلغوا خربة اللصوص والجولان ثم صعدوا إلى الطور ثم رجعوا إلى عكا ووصلت حملة منهم قدرها خمسمائة من صيدا إلى جزين فانهال عليهم الميادنة من الجبال فلم يفلت منهم سوى ثلاثة أشخاص.
قال المؤرخون: لما قتل كند من أكناد الفرنج المشهورين على الطور تشاءموا بالمقام عليه، ورجعوا إلى عكا واختلفوا هناك فقال ملك الهنكر: الرأي أنّا نمضي إلى دمشق ونحاصرها فإذا أخذناها ملكنا الشام، فقال الملك النوّام، قالوا: إنما سمي
بذلك لأنه كان إذ نازل حصناً نام عليه حتى يأخذه أي أنه كان صبوراً على حصار القلاع واسمه دستريج ومعناه المعلم بالريش لأن أعلامه كانت الريش فقال: نمضي إلى مصر فإن العساكر مجتمعة عند العادل