الموادعة واصل الغارات والفساد، ثم نهض صاحب دمشق ونزل على الأقحوانة على بحيرة طبرية، فنشب الحرب بين المسلمين والفرنج غربي جسر الصنبرة مقابل عقبة أفيق، فانتصر المسلمون بعد ثلاث كرات وغرق من الفرنج خلق كثير في البحيرة، وقتل نحو ألفي رجل من أعيانهم وأبطالهم، وأقام المسلمون على الجبل وطلع الفرنج إليه وتحصنوا به وهو من غربي طبرية، واستنفر أمير دمشق العرب الطائيين والكلابيين والخفاجيين فوصلوا بخلق كثير بالمزادات والروايا والإبل لحمل الماء، وصعدت الطلائع إلى الجبل من شماله، وعلم المسلمون أن الظفر قد لاحت دلائله، والعدو قد ذل، وأغارت بعض سرايا المسلمين على أرجاء القدس ويافا ونهبت بيسان ولم يبق بين عكا والقدس ضيعة عامرة. ثم تفرق المسلمون وعادوا إلى كورهم.
وأرسل ملك القدس إلى والي صور 507 يريده على المهادنة والموادعة لتحسم
أسباب الأذية عن الجانبين فأجابه إلى ذلك، وأمنت السابلة والتجار والسفار، واستقرت الحال بينهما على المهادنة فأمنت المسالك وصلحت الأحوال، بعد أن ذاق الفرنج بأس ملوك الشام والجزيرة على الأقحوانة. وكان صاحب القدس من أعظم ملوك الفرنج بالشام جيشاً ومكانة. وكان من جملة من حضر في هذه الوقعة عند طبرية الأمير مودود بن التون تكش صاحب الموصل. وفي سنة 508 قُتل آلب أرسلان بن رضوان صاحب قلعة حلب، قتله غلمانه بقلعتها وأقاموا بعده أخاه سلطانشاه بن رضوان، وكان لما ملك حلب جرى على قاعدة أبيه في أمر الإسماعيلية، وكان بنى لهم بحلب دار دعوة، فطلبوا منه أن يعطيهم القلعة فأجابهم إلى ذلك، فقبح عليه القاضي ابن الخشاب فعله، فأخرجهم بعد أن قتل منهم ثلاثمائة نفس وأسر مائتين وطيف برؤوسهم في البلد.
وأمر السلطان محمد بن ملكشاه 508 الأمراء وأصحاب الأطراف بالمسير صحبة آق سنقر البرسقي لقتال الفرنج بالشام، وجرى بين البرسقي وإيلغازي بن أرتق صاحب ماردين قتال انتصر فيه إيلغازي وهرب البرسقي، ثم خاف إيلغازي من السلطان، فسار إلى صاحب دمشق فاتفق