تتش قد تأهب لقصده فرحل عنها، والتقى عسكره وعسكر تاج الدولة في موضع يعرف بعين سيلم على ثلاثة أميال من حلب، فكسر جيش تاج الدولة عسكر سليمان وقتل هذا في الهزيمة وملك تاج الدولة عسكره وسواده ونزل على حلب فتسلمها. ثم وصل ملكشاه وانهزم أخوه تاج الدولة من حلب وملكها ملكشاه مع إنطاكية. أي إن سليمان بن قتلمش أحد عمال السلطان ملكشاه السلجوقي، قتل بأمر مولاه مسلم بن قريش ليأخذ بلاده، فقام تتش أخو ملكشاه فقتل سليمان، ثم قام تتش يريد الاستئثار بالملك دون أخيه، وقد فاته أن ملكشاه تهتز الدنيا من جيوشه، وأخوه في الشام لا يخرج عن كونه واليا من ولاته، والغالب أن تاج الدولة عرف هذا من نفسه فلم يسعه إلا أن يخدم أخاه.
ولما نزل ملكشاه بحلب دخل ابن منقذ صاحب شيزر في طاعته، وسلم إليه اللاذقية وكفرطاب وأفامية، فأقره السلطان على سيزر وسلم حلب إلى قسم الدولة آق سنقر جد البيت الأتابكي أصحاب الموصل والشام، ووالد عماد الدين زنكي، وجد نور الدين محمود بن زنكي. ولما استقر آق سنقر في حلب وأعمالها بسط
العدل في أهلها، وحمى السابلة وتتبع المفسدين وأبادهم. وكان ملكشاه في سنة 479 مَلَك حران وقلعة جعبر على الفرات، ثم ملك منبج وحلب، أما دمشق فكانت بيد تاج الدولة تتش منذ سنة 471 أقطعه إياها أخوه السلطان ملكشاه مع ما يفتحه من بلاد الخليفة العلوي. وكانت جيوش الفاطميين تغزو بعض المدن الساحلية وتستردها من التركمان أحياناً، وسلطة الفاطميين تتقلص اللهم إلا من فلسطين، فإنهم بعد أتسز الخوارزمي أخذوا يستردونها وخرج 478 أمير الجيوش بدر الجمالي بجيوش مصر فحصر دمشق وبها تاج الدولة تتش وضيق عليه فلم يظفر بشيء فارتحل عائدا إلى مصر.
-
لم ينقطع أمل الفاطميين من ملك الشام بعد أن قطعت خطبتهم من أهم