وخطب للقائم العباسي، وبدأ ظل الدولة الفاطمية يتقلص، وكان الحامل لآلب أرسلان على فتح الشام أن ناصر الدولة بن حمدان الحاكم المتحكم في الدولة المصرية أرسل يسأله أن يسير له عسكراً من
قبله ليقيم الدعوة العباسية وتكون مصر له، فتجهز آلب أرسلان من خراسان في عساكر جمة، وكان جيشه فيما قيل لا يقل عن أربعمائة ألف.
وخلف آلب أرسلان في الشام طائفة من عسكره فجمع أتسز بن اوق من أمراء السلجوقيين الأتراك الغز، وسار إلى فلسطين ففتح الرملة، وسار منها إلى بيت المقدس وحصره، وفيه عسكر المصريين ففتحه، وملك ما يجاوره ما عدا عسقلان، وقصد دمشق فحصرها وتابع نهب أعمالها حتى خربها وقطع الميرة عنها، فضاق الأمر بسكانها فصبروا ولم يمكنوه من ملك البلد فعاد عنه، وأدام قصد أعماله وتخريبها كل سنة حتى قلّت الأقوات عندهم، فكان يأخذ الغلات عند إدراكها فيقوى بها هو وعسكره ويضعف أهل دمشق وجندها.
ولما ملك السلطان ملكشاه بن آلب أرسلان 465 سير أخاه تاج الدولة تتش إلى الشام، وقرر معه فتح ديار مصر والمغرب واستخلاصهما من العلويين، وأمر مملوكيه بزان صاحب الرّهما وآق سنقر صاحب حلب أن يطيعاه على هذا الغرض. وكان ملكشاه الملقب بالسلطان العادل وأبوه آلب أرسلان من قبل المثل السائر في آل سلجوق بعدلهما، ولم يكن للخليفة العباسي معهما سلطان في الحقيقة، على نحو ما كان العباسيون في الدهر السالف مع سلاطين بني بويه الأعاجم. عرفت الشام ذلك وكان مما يفتح القلوب لحكم السلجوقيين أنهم من أهل السنة يخطبون بأسم بني العباس. وجميع هذه المزايا كانت مفقودة في الدولة العلوية المصرية.
وفي سنة 467 حاصر السلاجقة ثغر عكا وقتلوا واليها وساروا عنها إلى طبرية، وسار أتسز إلى دمشق فحصرها وأميرها المعلى بن حيدرة من قبل الخليفة المستنصر ولم يقدر عليها فانصرف عنها، وكان المعلى أساء