خطط الشام (صفحة 215)

وملكوا مركباً من مراكبهم، وقتلوا من فيه وانهزمت بقية المراكب. وهكذا استنجد بالروم في هذه الحقبة أميران على بني جنسهما ودينهما ليستمتعا بالملك وهما أبو الفضائل في حلب وعلاّقة بصور.

وكان المفرج بن دغفل قد نزل على الرملة وعاث فساداً في أرضها، وانضاف إلى حادثته وحادثة علاّقة نزول الدوقس صاحب الروم في عسكر كثيف على حصن أفامية، فاصطنع برجوان جيش بن الصمصامة وقدمه، وجهز معه عسكراً وسيره إلى دمشق، وبسط يده في الأموال ونفذ أمره في الأعمال، وسار جيش بن الصمصامة ونزل على الرملة وعليها وحيد الهلالي والياً فتلقاه طائعاً وصادف أبا تميم بها فقبض عليه قبضاً جميلاً، وندب الحسين بن ناصر الدولة بن حمدان في عسكر إلى صور بعد أن كان أنفذ إليها مراكب في البحر مشحونة بالرجال فأحاطت العساكر بها براً وبحراً وضعف أهل صور عن القتال وأخذ علاقة فحمل إلى مصر فسلخ وصلب بها وأقام ابن حمدان والياً عليها.

وسار جيش بن الصمصامة لقصد مفرج بن دغفل فهرب من بين يديه وعاذ بالصفح فكف جيش عنه، وعاد سائراً إلى عساكر الروم النازل على حصن أفامية، فلما وصل إلى دمشق تلقاه أهلها في أشرافها ووجوه أحداثها مذعنين له بالانقياد، راغبين في استصحابهم للجهاد، فجزاهم خيراً فأقبل جيش على رؤساء الأحداث وبذل لهم الجميل، ونادى في البلد برفع المؤن، وإباحة دم كل مغربي يتعرض لفساد، فاجتمعت الرعية وشكروه، وسألوه دخول البلد والنزول بينهم فلم يفعل، ثم سار ونزل بحمص واجتمعت العساكر وتوجه إلى حصن أفامية، فوجد

أهلها وقد اشتد بهم الحصار، فنزل بإزاء عسكر الروم بينه وبينهم نهر العاصي. ثم التقى الفريقان من بعد، وكان المسلمون يومئذ في عشرة آلاف من الطوائف وألف فارس من بني كلاب، فحملت الروم على المسلمين فزحزحوهم عن مصافهم، وانهزمت الميمنة والميسرة، واستولى الروم على كراعهم وعطفت بنو كلاب على أكثر ذلك فنهبوه، وثبت بشارة الإخشيدي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015