وفوق رأسه قلنسوة، وفي لحيته ريش، وبيده قصبة وبعث به إلى مصر. وضرب الفاطميون على دمشق دية عم الناسَ البلاء في جبايتها، وتطلب حمال السلاح فظفر بقوم منهم، وضرب أعناقهم وصلب جثثهم، وعلق رؤوسهم على الأبواب.
وفي سنة 360 أنفذ جعفر غلامه فتوحاً على عسكر إلى إنطاكية، وكان لها في أيدي الروم نحو من ثلاث سنين، وسير إلى أعمال دمشق وطبرية وفلسطين فجمع منها الرجال، وبعث عسكراً بعد عسكر إلى إنطاكية، وكان الوقت شتاء فنازلوها
حتى انصرم الشتاء وهم مُلِحُّون في القتال، فلم يظفر بطائل، وانهزم عسكره آخر الأمر وقتل منهم كثيرون. وبلغ جعفر بن فلاح مسير القرامطة إلى الشام وقد أمدّهم صاحب بغداد لقتال جيش الفاطميين فاستهان بهم وواقعهم. فانهزم منهم قرب دمشق وقتل في المعركة، وملك القرامطة دمشق وأمنوا أهلها ثم ساروا إلى الرملة فملكوها واجتمع إليهم كثير من الإخشيدية. قتل القرامطة جعفر بن فلاح مخافة أن يفوتهم حمل المال الذي كان تقرر بينهم وبين ابن طغج، وهو ثلاثمائة ألف دينار في السنة، وساروا يريدون الرملة، وعليها سعادة بن حيان فالتجأ إلى يافا، ونزل عليه القرمطي، وقد اجتمعت إليه عرب الشام فناصبها القتال حتى أكل أهل المدينة الميتة وهلك أكثرهم جوعاً، وسير جوهر من مصر نجدة إلى أصحابه المحصورين بيافا، ومعهم ميرة في خمسة عشر مركباً، فأرسل القرامطة مراكبهم إليها فأخذوا مراكب جوهر ولم ينج منها غير مركبين غنمتهما مراكب الروم.
اصطلح قرعوية 360 مولى سيف الدولة بن حمدان متولي حلب وأبا المعالي شريف بن سيف الدولة، فخطب له قرعوية بحلب، وخطبا في معاملتيهما لإمام المعز الفاطمي بحلب وحمص. بمعنى أن بني حمدان وهم شيعة أسرعوا في نزع أيديهم من أيدي العباسيين، ووضعوا أيديهم في أيدي الفاطميين الشيعة، بيد أن الفاطميين لم يجدوا نصيراً قوياً في الشام، لأن السواد الأعظم من أهل السنة والجماعة كانوا يخالفونهم في مذهبهم، وقد بلغهم ما صارت إليه مصر من تغيير مذهب أهلها ومصطلحهم في