فحارب أهلها ثم أمنهم، فلما استسلموا له قتل مقاتلهم وسبى ذراريهم واستاق أموالهم، ثم نهض إلى دمشق فخرج إليه من كان بقي بها مع صالح بن الفضل خليفة أحمد بم كيغلغ، فقتل صالحا وفض عسكره، ولم يطمع في دمشق إذ دافعهم أهلها عنها.
وبالحزم الذي أظهره المكتفي في قتال القرامطة بالشام وبالجيوش التي سرحها من بغداد وسرحت له من مصر اضمحل أمر الباطنية، ولم يبق لهم أمل في ملك، وانقض عنهم الأعراب والمتلصصة ومن قال بقولهم وشايعهم على قيام أمرهم:
ولولا الحزم لأوشكوا أن ينشئوا لهم ملكا بالشام، كما حاول الزنج في العراق أن ينشئوا لهم دولة لولا قيام الموفق ولي عهد الخلافة العباسية ذلك القيام المحمود في قمع شأفتهم. وكان ادعى القائمون بالقرمطة الشرف وأنهم يمتون بالقرابة إلى آل البيت. قال بعض المؤرخين: إن القرمطي في الشام المكنى أبا القاسم كان ينتمي إلى آل أبي طالب.
وفي سنة 291 سار نائب طرسوس المعروف بغلام زرافة نحو بلاد الروم ففتح مدينة إنطاكية وقتل خمسة آلاف وأسر مثلهم واستنفد من الأسارى خمسة آلاف وأخذ لهم ستين مركبا فحمل فيها ما غنم من الأموال والمتاع والرقيق وقدر نصيب كل رجل ألف دينار فاستبشر المسلمون بذلك. عاث بنو تميم في أعمال حلب وأفسدوا إفسادا عظيما وحاصروا واليها زكا ابن الأعور. فكتب المقتدر بالله إلى الحسين بن حمدان في إنجاد زكا بحلب، فكانت وقعة بين الحسين بن حمدان وأعراب كلب والنمر وأسد وغيرهم 294 فاجتمعوا عليه وهزموه حتى بلغوا به باب حلب ثم أسر منهم وقتل. وفي سنة 298 كان دخول الروم إلى ساحل الشام فافتتح صاحبهم حصن القبة بعد حروب طويلة وعدم مغيث يغيثهم من المسلمين وافتتح مدينة اللاذقية فسبى منها خلقا كثيرا.
ومن أهم الأحداث ما وقع من الهيج بدمشق في زمن وصيف البكتمري الذي ولي إمارة دمشق في أيام المقتدر بعد هلال بن بدر 316 وفي أيامه خلع المقتدر المرة الثانية ثم رجعت إليه الخلافة فطلب الأولياء من