ألا قل لمن في الدجى لم ينمْ ... طلاب المعالي سمير الألمْ
ومن أرّقته دواعي الهوى ... فدون الذي أرقته الحكم
فكم في الزوايا تخبى فتىً ... طريد الكتاب شريد القلم
يرى الأرض ضيقاً كشق اليراع ... ويهوى على ذا الوجود العدم
وكم ذا بجسرين من ليلة ... على مثل جمر الغضا في الضرم
تمنى الأديب بها ندحة ... ولو بات يرعى هناك الغنم
وكم سروة تحت جنح الظلام ... كسرًّ بصدر الأريب انكتم
يخاف بها حركات الغصون ... ويخشى النسيم إذا ما نسم
وإن تشدُ ورقاء في أيكة ... تؤرقه في صوتها والنغم
وكم بات للنجم يرعة إذا ... أديم السما بالنجوم اتسم
وطال به الليل حتى غدا ... يظن عمود الصبح انحطم
ومن ذعره خال أن النجوم ... لتهدي إلى مسكه عن أمم
إذا ما السمك بدا رامحاً ... توهمه نحوه قد هجم
ولولا الدجى لم يتم النجا ... وقد أمكن الظلم لولا الظلم
ولله در القرى إذ خفته ... فما بالسهولة يخفى العلم
فجسرين زبدين والأشعريّ ... ديار بها قد أوى واعتصم
ونحو المليحة رام الخفا ... وكم بالمليحة من متهم
ديار أبي أهلها غدره ... وآواه فيها الوفا والكرم
ولا شك رقوا لأحواله ... طريداًيعاني الجوى والسقم
ليالي كانون في الأربعين ... وبرد العسيات أغلى الفحم
بأرض تراها سماءً وماءً ... ففوقالسواني وتحت الديم
يجول وقد صار مثل الخيال ... ودقّ فلو لاح لم يقتحم
فوق الخدود كلون البهار ... وتحت المىقي كلون العتم
وفي كل يوم سؤال وبحث ... وأنّي تولي وكيف انهزم
وقد كان في كسبهم بيته ... بجلق قال وقيل عمم
فكانت على كتبه غارة ... كغارات عرب الصفا بالنعم
وقالوا سينفى إلى رودس ... وقالوا سيجزى بما قد جرم