أقام عبد الله بن علي في دمشق خمسة عشر يوماً، رويت خلالها سيوفه من أعداء دولته، ثم سار وراء مروان بن محمد في خمسين ألف مقاتل، وأخذ الوليد بن معاوية بن عبد الملك وعبد الجبار بن يزيد بن عبد الملك، فحملهما إلى أبي العباس السفاح، فقتلهما وصلبهما بالحيرة، وأمر أبو العباس عمه عبد الله بن علي أن يجدّ السير نحوها، وهنأه بما أصاب من أموال بني أمية، فسار يريد فلسطين فنزل نهر الكسوة ووجه منها يحيى بن جعفر الهاشمي إلى المدينة، ثم ارتحل إلى الأردن فأتوه وقد سودوا، ثم نزل بيسان، ومنها سار إلى مرج الروم فنهر أبي فطرس، ولما قدم فلسطين أظهر للناس أن أمير المؤمنين وصاه ببني أمية، وأمره بصلتهم وإلحاقهم في ديوانه ورد أموالهم عليهم، فقدم عليه من أكابر بني أمية وخيارهم ثلاثة وثمانون رجلاً، وفي رواية الطبري أنهم كانوا اثنين وسبعين رجلاً وقد أعد لهم مجلساً على نهر العوجاء فيه أضعافهم من الرجال ومعهم السيوف والأجرزة، فأخرجهم عليهم فقتلهم وسحبوا، وطرحت عليهم البسط وجلس عليها، ودعا بالطعام فأكل وجماعته، وما زال بعض القتلى يئن، وقال: يوم كيوم الحسين بن علي ولا سواء. وكان في جملة قتلاه عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك، وكان قد بذّ العابدين في زمانه، وسبق المجتهدين في عصره، واتخذ أموالاً معجبة، تطرد فيها المياه والعيون، فقتله، ثم استقصى ماله ومال من قتل من سادات بني
أمية وصناديدهم، ومنهم من قتلوا لأنهم أبوا أن يصيروا أموالهم إلى السفاح. وقد قتل في قلنسوة شمالي العوجاء بعض بني أمية. وقصارى القول أن فاتح الشام للعباسيين بطش في الأمويين ومن والاهم من أهل هذه الديار بطش الجبارين. وسار من الجور سيرة لم يسرها أحد قبله.
تتبع العباسيون بني أمية في الحجاز والعراق فقتلوا منهم أناساً كثيرين ولم يفلت إلا أفراد، منهم عبد الرحمن بن معاوية الذي فر إلى الأندلس وهناك أقام الخلافة الأموية الغربية، فدامت مائتين وثماني وستين سنة،