وأصل هذه الفرقة كانت بالبحرين في المائة الثانية وما بعدها، ومنهم كانت القرامطة الذين خرجوا من البحرين حينئذ ثم ظهروا بأصبهان في أيام السلطان ملكشاه السلجوقي، واشتهروا هنالك بالباطنية لأنهم يبطنون خلاف ما يظهرون، وبالملاحدة لأن مذهبهم كله إلحاد، ثم صاروا إلى الشام ونزلوا فيما حول طرابلس وأظهروا دعوتهم هناك، وإليهم تنسب قلاع الإسماعيلية المعروفة بقلاع الدعوة فيما حول طرابلس كمصياف والخوابي والقدموس والمرقب والعقليقة والكهف والرصافة وغيرها. وهم يعظمون راشد الدين سنان، وهو رجل كان بقلاع الدعوة وانتهت إليه رياستهم في زمن صلاح الدين.
ولما افترق الإسماعيلية إلى مستعلوية ونزارية أخذ من منهم ببلاد المشرق بمذهب النزارية عملاً بدعوة ابن الصباح، واخذ من منهم بالشام بقلاع الإسماعيلية بمذهب المستعلوية وصاروا شيعة لمن بعد المستعلي من خلفاء الفاطميين بمصر واشتهروا باسم الفداوية لمفاداتهم بالمال على من يقتلونه. روى هذا القلقشندي وقال ابن ساعد: ويلقب الإسماعيلية بالسبعية لقولهم بسبعة أئمة، ويرون أن في كل دور سبعة أئمة، إما ظاهرون وهو دور الكشف، وإما مختفون وهو دور الستر، ولا بد من إمام، إما ظاهر وإما مستور، لقول أمير المؤمنين رضي الله عنه الأرض عن قائم لله بحججه، ويلقبون أيضاً بالباطنية لقولهم: إن لكل ظاهر باطناً، وبالتعليمية لقولهم: إن العلم بالتعلم من الأئمة خاصة، وربما لقبوا بالملاحدة لعدوهم عن ظواهر الكتاب والسنة لأنهم يتأولون سائر النصوص، وعندهم أن من مات ولم يعرف إمام زمانه وليس في عنقه بيعة إمام مات ميتة جاهلية اه.
وذكر كتاب جلبي أنه كان للفداوية الذين اشتهروا في زمن الظاهر بيبرس - هكذا
كانت العامة تسمي الإسماعيلية - من طرابلس إلى صيدا إلى حلب على الساحل حتى حوران سبعون قلعة أهمها قلعة صهيون. وقد ذكر مؤرخو حلب أنه جاء إلى جبل السماق سنان بن سلمان بن محمد أبو الحسن البصري صاحب الدعوة النزارية ومتولي الحصون الإسماعيلية، وكان أديباً فاضلاً عارفاً بعلم الفلسفة وله شعر حسن وكلام منثور جيد، وتمكن