اهتدى الفينيقيون بفطرتهم إلى الاعتقاد بالتوحيد على ما ظهر. ودعوا معبودهم البعل أي الرب والسيد وقد يسمونه أدون ومعناه السيد أيضاً. ولقبوه بملوك أو ملوخ أي الملك أو ببعل شمائيم أي رب السماء، ثم أخذوا يصورون الرب ويجسمونه على الصورة التي يختارونها، خصوصاً لما جابوا الأقطار ومصروا الأمصار، فأصبحت كل المدينة تخص الرب بها، فكان أهل صور يطلقون على معبودهم بعل صور، وأهل صيدا يقولون عن معبودهم رب صيدون، وأهل بيروت يعرف ربهم ببعل بيروت وهكذا يقولون بعل حرمون وبعل جاد وبعل تامار.
وفننوا بعد في أربابهم فأخذوا ينسبونها إلى النار وعبادة الطبيعة وأنشئوا يؤلهون قوات الوجود ومظاهرة الرائعة والأفلاك والنجوم. وكما جعل الفينيقيون لأربابهم أنداداً اخترعوا لهم أزواجاً سموها عشروت وقد عبدت في سواحل الشام خاصة. ثم أخذت بعض المدن بالطبع تطلب لمعبوداتها زوجات وتنشئ لها معابد. وكان معبد بعلة جبيل يحج إليه الناس من أنحاء القطر كما يحتفلون في الربيع بمقتل الرب أدونيس أو نهر إبراهيم. وكان من كهنة الفينيقيين أن أقاموا في أوقات مخصوصة من السنة حفلات دينية تجري فيها أمور غريبة من الرقص والفحش ومن تضحية البنات والأسرى على مذابح الهياكل التي كانت أشبه بمواخير يأوي إليها الفاحشات فيختلف إليهن من يريد الفجور باسم الدين.