من كتب الدين والعلم بالعربية والسريانية. وحمل يوسف السمعاني من لبنان سنة 1768م كتباً في ثلاثة مراكب إلى رومية ملأها بالمخطوطات العربية وغيرها فغرق منها مركبان.
ومن المصائب التي أصيبت بها الكتب أن بعض دول أوربا ومنها فرنسا وجرمانيا وبريطانيا العظمى وهولندا وروسيا أخذت تجمع منذ القرن السابع عشر كتباً تبتاعها من الشام بواسطة وكلائها وقناصلها والأساقفة والمبشرين من رجال الدين، وكان بلغ الجهل ببعض من اتسموا بشعار الدين ومن كان يرجع إليهم أمر المدارس والجوامع أن يفضلوا درهماً على أنفس كتاب فخانوا الأمانة واستحلوا بيع ما تحت أيديهم أو سرقة ما عند غيرهم والتصرف به تصرفهم بملكهم. حدثني الثقة أن أحد سماسرة الكتب في القرن الماضي كان يغشى منازل بعض أرباب العمائم في دمشق، ويختلف إلى متولي خزائن الكتب في المدارس والجوامع، فيبتاع منها ما طاب له من الكتب المخطوطة بأثمان زهيدة وكان يبيعها على الأغلب، وأكثرها في غير علوم الفقه والحديث، من قنصل بروسيا إذ ذاك بما يساوي ثمن ورقها أبيض، وبقي هذا سنين يبتاع الأسفار المخطوطة من أطراف الشام حتى اجتمع له منها خزانة مهمة رحل بها فأخذتها حكومته منه وكافأته عليها، والغالب أن معظم الكتب العربية المحفوظة في خزانة الأمة في برلين هي من هذا القطر. وفهرس هذه الخزانة فقط في عشرة مجلدات ضخمة ما عدا الملحق. يتألف من فهارس الكتب العربية في خزائن الغرب اليوم خزانة برأسها.
وإن بعيداً يحسن القيام على هذا التراث الوافر لأحرى به من قريب يبدده جزافاً. وإن أمماً عرفتنا أكثر مما عرفنا أنفسنا حتى قال أحد علمائهم: إن العرب وضعوا من المصنفات ما لا يستطيع أحدنا أن يقرأه طول عمره، لجديرون بإرث الشرق في مادياته ومعنوياته كما قلنا في فصل في مجلة المقتطف منذ أربع وأربعين سنة. نعم أن كتباً تترك للأرضة تعيث فيها، والعفن يعبث بجمال جسمها ورسمها، وتحرم النور ويعفى أثرها الغبار والأوساخ، ويحرم النظر فيها على من يحسن الاستفادة منها، أو تفضل عليها دريهمات معدودة حرية بأن تكون في ملك من يستفيد منها ويفيد.