الآن، ثم لما بناها الملك العادل أزال تلك العمارة وبناها هذا البناء المتقن المحكم الذي لا نظير له في بنيان المدارس، وهي المأوى وبها المثوى، وفيها قدر الله تعالى جمع هذا الكتاب الروضتين فلا أقفر ذلك المنزل ولا أقوى اه. وقال أيضاً: وفي سنة 612 شرع في عمارة المدرسة العادلية المقابلة لدار العقيقي من الغرب وحضر السلطان لترتيب وضعها بين الصلاتين يوم السبت، ثم أحرقت بالنار في رمضان المبارك سنة أربع عشرة. وقال ابن أبي شامة أيضاً في ذيل الروضتين في حوادث سنة 619: وفيها نقل تابوت العادل بن أيوب من قلعة دمشق إلى تربته المقابلة لدار العقيقي، أخرجوا جنازته من القلعة والتابوت مغشي بمرقعة، وأرباب الدولة حوله، إلى أن قال: ولم تكن المدرسة كملت عمارتها وألقى فيها الدرس في هذه السنة القاضي جمال الدين الحصيري وحضر درسه أعيان الشيوخ والقضاة والفقهاء وحضر السلطان المعلم المعظم عيسى بن العادل وتكلم في الدرس مع الجماعة. وكان الاجتماع بإيوان المدرسة وجلس عن يمين السلطان إلى جانبه شيخ الحنفية جمال الدين الحصري ويليه شيخ الشافعية شيخنا فخر الدين بن عساكر ثم القاضي شمس الدين الشيرازي ثم القاضي محيي الدين يحيى بن الزنكي، وجلس عن يسار السلطان إلى جانبه مدرس المدرسة قاضي القضاة جمال الدين الحصري وإلى جانبه شيخنا سيف الدين الآمدي ثم القاضي شمس الدين بن سني الدولة ثم القاضي نجم الدين خليل قاضي العسكر، ودارت حلقة صغيرة والناس وراءهم مصلون ملء الإيوان. وكان في دور تلك الحلقة أعيان المدرسين والفقهاء. وقبالة السلطان فيها شيخنا تقي الدين بن الصلاح وغيره، وكان مجلساً جليلاً لم يقع مثله إلا في
سنة ثلاث وعشرين وستمائة اه. قال ابن كثير: وفي سنة أربع وسبعمائة جلس قاضي القضاة نجم الدين بن الحصيري بالمدرسة العادلية الكبرى وعلمت التخوت بعدما جددت عمارة المدرسة ولم يكن أحد يحكم بها بعد وقعة غازان بسبب خرابها. وهذه المدرسة من أعظم مدارس الشافعية بدمشق وكان يحكم قاضي القضاة ويجلس نواب القاضي بالمدرسة الظاهرية المناوحة لها.
درس بها وسكنها جلة من العلماء، منهم ابن خلكان والجلال القزويني