تتناول من طعامهم. ثم قال لقلقط وأصحابه: إنكم لم تأتوا هنا للطعام والشراب، ثم قال لقلقط: ابعث معي عشرة من هؤلاء من أهل النجدة والبأس حتى نحرسك الليلة، فإني كئيب أن تأتيك بلية، فبعث معه عشرة وأمرهم بطاعته، فخرج بهم إلى أقصى القرية وقام بهم على الطريق الذي يتخوفون أن يُدخل عليهم منه، فأقام حارساً منهم وأمر أصحابه فنانوا، فأمر الحارس إذا هو أراد النوم أن يوقظ حارساً منهم وينام هو، فحرس الأول ثم أقام الثاني ثم قام سحيم ثم قال: أنا أحرس فنم فلما ثقل نومهم قتلهم بذبابة سيفه رجلاً بعد رجل، فاضطرب التاسع، فأصاب العاشر برجله، فوثب إلى سحيم فأخذه وصرعه الرومي وجلس على صدره وأخرج سحيم سكيناً ومقلها في نحره فقتله، ثم أتى الكنيسة فقتل قلقط وأصحابه رجلاً بعد رجل، ثم خرج إلى أصحابه العشرين فجاء بهم وأراهم قتله وقتل الحرس وقلقط ومن في الكنيسة ووضعوا سيوفهم فيمن بقي فنذر بهم من بقي منهم، وخرجوا هراباً حتى أتوا سفنهم بوجه الحجر فركبوها، ولحقوا بأرض الروم ورجع أنباط جبل لبنان إلى
قراهم.
ورواية البلاذري في هذه الوقعة هكذا: وأقبل طاغية الروم يريد الشام وخرج أيضاً قائد قواد الضواحي في جبل اللكام فاتبعه خلق من الجراجمة والأنباط وأبّاق عبيد المسلمين وغيرهم، ثم صار إلى لبنان فأقبل عبد الملك مغذاً للسير حين أتاه كتاب ابن أم الحكم بذلك، فلما ورد دمشق وجه حميد بن خريث بن بحدل الكلبي بهدايا وألطاف إلى طاغية الروم وكتب إليه معه يسأله الموادعة على إتاوة وأعطاه إياها كما فعل معاوية حين أراد، إتيان العراق فقبل الطاغية الهدايا وما بذل له عبد الملك من الإتاوة وأعطاه رُهناء من أبناء الروم وصيرهم ببعبلك، ووادع عبد الملك الذين خرجوا بلبنان وجعل لهم في كل جمعة ألف دينار فركنوا إلى ذلك ولم يعيثوا بفساد، ثم دس إليهم سُحيم بن المهاجر فتلطف حتى وصل إلى رئيسهم متنكراً فأظهر ممالأته وتقرَّب إليه بذم عبد الملك وشتمه ووعده أن يدله على عوراته وما هو خير له من الصلح الذي بذل له، ثم عطف عليه وهو وأصحابه غارون غافلون بجيش من موالي عبد الملك وبني أمية وجند من