دول كبرى ومكانة القدس في هذا الباب لا تنازعها فيه غير رومية العظمى، وأهم تلك الكنائس في القدس كنيسة القيامة وهي ليست بالكبرى كثيراً بالنسبة لكنائس الغرب المهمة بل هي متوسطة الحجم استأثر أهل كل مذهب من مذاهب النصرانية ببقعة
صغيرة منها لا يتعدونها يسكنونها ويوقدون سرجها ويتعهدونها بما يصلحها. والسدانة للمسلمين حتى لا يقع بين أهل تلك المذاهب شيء من التحاسد الذي أدى في الأزمان السالفة إلى فتن وحوادث، ولكل قطعة من قطع كنيسة القيامة وجدار من جدرانها وعمود من عمدها حادثة تاريخية يذكرونها في تاريخهم الديني.
ولو كان عني بعمران كل بلد على مثل ما عني بإنشاء الأديار والكنائس في القدس وما إليها من الأرض المقدسة لكانت الشام أعمر أقطار العالم بكنائسها وأديارها فقد قدر بعضهم ما أنفق على هذه المعاهد الدينية الكبرى بخمسة عشر مليون جنيه قبل أن يحاول اليهود أن يجعلوا لهم من فلسطين وطناً قومياً، وقبل أن ينشئوا فيها كنائسهم ومعابدهم ويشترك يهود العالم في إتمام مشاريعهم في فلسطين. ولا يدخل في هذا التقدير ما في معابد القدس من العاديات والآثار والتحف والطرف فإن ذلك لا يقوم بثمن. كل هذا بسائق المنافسة السياسية والدينية بين الطواف المسيحية بعضها مع بعض وبين المسيحيين من جهة والموسويين من أخرى.
ولو جئنا نستقصي كنائس فلسطين لطال بنا المجال فمن كنائسها كنيسة روسية في يافا مطلة على سهل سارون وكنائس صغيرة ثابتة للفرنسيين والروم الأرثوذكس والكاثوليك والموارنة، وكنيس لليهود. ولهم مدرسة مهمة في تل أبيب وأهم الأديار فيها دير اللاتين وفيها كنيسة للبروتستانت الألمان من طائفة الهيكليين واسمها أحباب القدس وقد كثرت الكنائس في المدن والقرى والغالب أن كنائس القرى سبقت بإنشائها كنائس المدن لأن النصرانية انتشرت أولاً في القرى وعصى أهل المدن على التدين بها لغلبة التعصب عليهم. ومن رأي بعض الواقفين أن النصرانية انتشرت أولاً في المدن