خطط الشام (صفحة 1136)

والولاة، ومتولي هذه النواحي وكافة الحماة، وسائر المتصوفين في الأعمال، والمستخدمين على سائر منازلهم، وتفاوت درجاتهم، واستمرار خدمتهم، أو تعاقب نظرهم، في هذا الوقت وما يليه، فليعلم ذلك من أمير المؤمنين ورسمه، ويعمل عليه وبحسبه، وليحذر من تعدى وحده ومخالفة حكمه، ويتجنب مباينة نصه ومجانبة شرحه، ولقرّ هذا المنشور في يده حجة لمودعه، يستعين بها على نيل طلبه، وإدراك بغيته، إن شاء الله تعالى. وكتب في جمادى الأخرى سنة إحدى عشرة وأربعمائة. وفي أعلاه بخط الحاكم توقيع: الحمد لله رب العالمين.

قال ابن بطريق، وانفتح حينئذ باب رجعة الكنائس ورد أوقافها عليها، وأطلق عمارة جميع الكنائس والديارات التي يستدعي منه الإذن فيها وفي عمارتها بمصر وفي سائر بلاد مملكته، وكتب لكل منهم سجلاً لإعادة أوقافها إليها، إلا ما كان من الأوقاف والكنائس قد بيع في وقت القبض عليها في دمشق وفي جميع بلاد الساحل، وصرف ثمنه في النفقات السلطانية، لضيق الأموال وقلتها، أو ما كان منها قد حصل لمن يتوقون شره من المسلمين. ولما تسامح الحاكم بعمارة الكنائس وتجديدها ورد أوقافها عاد الذين أسلموا من النصارى وقت الاضطهاد إلى دينهم لأمره وتسامحه. ولما هلك الحاكم وبويع لابنه الظاهر واستولت عمته على الملك بالفعل تقدمت بمسير نيقيفور بطريرك بيت المقدس إلى حضرة الملك ليطلبه بعودة الكنائس وتجديد كنيسة القيامة ببيت المقدس وسائر البيع في جميع بلاد مصر

والشام ورجوع أوقافها إليها.

وكان البطاركة أشبه بسفراء سلام بين ملوك الإسلام وملوك الروم. إذا وقع حيف على المسلمين في ديار أعدائهم يندبهم ولاة الإسلام إلى مطالعة الروم الواقعين في أسرهم، أو الراحلين إليهم في التجارة. ومما اشترط ملك الروم على الظاهر العبيدي في عقد الهدنة ثلاثة شروط منها أن يعمر الملك الظاهر كنيسة القيامة ببيت المقدس ويجددها من ماله، ويصيّر بطريركاً على بيت المقدس، وأن تعمر النصارى جميع الكنائس الخراب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015