وتعلمنا تعليماً وطنياً اقتصادياً واحداً.
على هضبة من هضاب بيروت الجميلة في حي الأشرفية، في مكان بعيد عن مركز حركة هذا الثغر، يطل على سفوح لبنان وبيروت وعلى البحر الرومي من أُخرى، قامت هذه المعامل البديعة في بقعة فسيحة من الأرض تدخلها فتخال نفسك
في إحدى معامل الغرب الكبرى، وأول ما يبدؤك بعد الدخول من التاج ساعتان عن اليمين والشمال بجانبهما صندوقان معلقان مقسومان إلى بيوت صغيرة، وفي كل بيت مقواة كتب عليها اسم أحد العملة وطبعت عليها ساعات الغدو والغداء والرواح، فمتى وصل العامل بعد الفجر وقبل إشراق في الشتاء مثلاً يضع مقواته في بيتها، فلا تلبث أن تكتب عليها ساعة مجيئه والدقيقة التي جاء فيها بحروف عربية، وفي آخر اليوم أو الأسبوع يرجع إليها مدير المعمل، ويحسب المتأخر من المتقدم، ويعدون ذلك بموجب نظام خاص لهم جروا فيه على مثال نظام العمال في سويسرا والبلجيك والنمسا وألمانيا. ومن قوانين العملة في هذه الممالك اختار مؤسس المعمل أحسن ما يلائم هذه الديار وينفع في نجاح عملته ويعود عليه وعليهم بالربح واقتصاد الوقت.
وهذه الساعة من نفع ما يجب استخدامه في معاملنا ومطابعنا ودواوين أعمالنا وبيوتنا التجارية والمالية ودوائرنا العسكرية والملكية ليتعلم قومنا مراعاة الوقت والتدقيق في حسابه حتى يبارك لهم بساعات العمل وأيام الحياة، ويتعلموا أن التدقيق في المواعيد أحد دعائم التنظيم في فروع الأعمال، ومن أهم أساليب النجاح الذي غفل عنه معظم سكان هذه الديار وعدوا من ينظم أوقاته ويدقق في وعوده واستقبال خاصته ومن لهم علاقة به في ساعات محدودة متكبراً أو مهوساً.
يباكر العملة في معامل السيوفي في الصيف والشتاء والخريف والربيع على السواء وينقطعون ساعةً وقت الظهر ثم يعاودون العمل إلى قبيل الغروب أو إلى بعده بقليل بحيث لا يتجاوز معدل ساعات العمل في اليوم تسعاً بخلاف عملة أوربا فإنهم يعملون في بعض الممالك كبلجيكا مثلاً زهاء اثنتي عشرة ساعة، ولكثرة الأيدي العاملة وللعادة والإقليم دخل كبير في هذا الاصطلاح.