خطط الشام (صفحة 1010)

من الثمار والبقول مجففات ومحضرات على طريقة لا تنقص من تغذيتها وتكون عند الاستعمال كأنها طرية حديثة عهد بالقطف من الشجرة أو المسكبة. وبلغ عدد البقول المرببة عشرة أنواع كان يتناولها الجندي في كل وقت كأنه على مقربة من الحدائق والمقاتي. واستخرجوا في معامل الفيلق بدمشق أشربة كثيرة من ماء الزهر وماء الورد وشراب قشر الليمون وقشر البرتقال تجعل أرواحها في زجاجات وتكفي القطرة منها كأس ماء لتكون حلوة ذات نكهة تستعمل في أشربة الجيش ولا سيما في مستشفيات البادية. وبالجملة فقد كان لتعقيم السوائل واستخراج الأشربة وتجفيف الثمار والبقول وخبز الأخباز بالآلات الكهربائية الصحية شأن لم يعهد في الشام ثم تنوسي بعدهم.

ومن صناعاتهم العسل وكانوا يغالون بأكله كثيراً واشتهر عسل سنير وجبل الثلج كما اشتهر دبس بعلبك وجبنها وزيتها ولبنها، قال ياقوت: ليس في الدنيا مثلها يضرب بها المثل. وكانت بيسان توصف بكثرة النخل، والنخيل مما يجود غي الأغوار وكان كثيراً في القديم والشاميون يعنون بتعهده من وراء الغاية. ويظهر أن العسل والزعفران والدبس والقنود والتمور كانت مما يعول عليه في الأطعمة والحلواء أكثر من اليوم. ولدينا وثيقة في بعض المأكولات ذكرها أبو القاسم الواساني من شعراء اليتيمة الدمشقيين نظمها منذ نحو ألف سنة في وصف جماعة زاروه في قرية جمرايا على مقربة من الهامة في غربي دمشق، ومما جاء فيها ما

أكلوه من الأطعمة وفيه إشارة إلى كثرة أنواع التمر:

أكلوا لي من الجرادق ألفي ... ن ببنّ تشتاقه العارضان

أكلوا لي أضعافها غير مشطو ... ومالوا إلى سميذ الفران

أكلوا لي من الجداء ثلاثي ... ن قُرَيْصاً بالخل والزعفران

أكلوا ضعفها شواءً وضعفي ... ها طبيخاً من سائر الألوان

أكلوا لي تبالة تبلت عق ... لي بعشرٍ من الدجاج السمان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015