وفيه ما فيه من البركة والمنفعة. وقال شيخ الربوة في نابلس: وقد خصها الله تبارك وتعالى بالشجرة المباركة وهي الزيتون ويحمل زيتها إلى الديار المصرية والشامية وإلى الحجاز والبراري مع العربان ويحمل إلى جامع بني أمية منه في كل سنة
ألف قنطار بالدمشقي، ويعمل منه الصابون الرقي يحمل إلى سائر البلاد التي ذكرناها وإلى جزائر البحر الرومي، وبها البطيخ الأصفر الزائد الحلاوة على جميع بطيخ الأرض. والظاهر أن هذه الشجرة المباركة شجرة الزيتون آخذة بالاضمحلال قياساً مع حالهم في القديم، فقد قلّ عدده في فلسطين بعد الحرب العامة واستعيض عن بعضه بما بذلته الحكومة هنا من الجهد لغرس الزيتون والكرمة، أما في أرباض دمشق فهو آخذ بالقلة منذ اشتهرت الفواكه وهي هينة العمل سريعة الغلة، وكان في حمص على ما تبين من الحفريات التي أُجريت زيتون كثير بدليل ما وجد من معاصره التي لم يبقى لها زيتون تعصر منه ولا تجد الزيتون اليوم في أرجاء حمص إلا في بقعة أو بقعتين. واشتهر في القديم زيتون الطفيلة والشوبك اشتهارهما بمشمشهما وكمثراهما ورمانهما. سألنا أحد شيوخ الصلت عن السبب في إحجام القوم هناك عن غرس شجر الزيتون مع أنه يجود كل الجودة فقال: لا تذكرنا بغباوتنا فقد حملنا سعيد باشا شمدين أحد متصرفي البلقاء على أن نغرس في هذه الأدوية التي تراها مائة ألف زيتونة فوقع في أنفسنا أن في الأمر دسيسة من الحكومة تريد بها وضع الضرائب الفاحشة على أملاكنا وتسجيل أراضينا على صورة لا نعود معها ملاكها الحقيقيين فصدعنا بالأمر بالظاهر، وغرسنا أُلوفاً من شجر الزيتون، ولكن أتدري كيف تخلصنا منه بعد؟ كان أحدنا يجيء إلى الغرسة فيحركها حتى لا يطلع جذعها وهكذا لم يبق من كل ما غرسه الصلتيون إلا ما تشاهده اليوم في جوار القصبة وقليل ما هو. قلنا: وعجيب تبدل تصورات الناس فرجال الحكومة بالأمس كانوا يحملون الناس على زرع الأشجار. ويزينون لهم اقتناء الأراضي للزراعة، واليوم يطلب الأهلون في هذا العمل وفي غيره الأرض الموات ليحيوها ولا يعطون طلبتهم! هكذا رأينا أهل الشراة والطفيلة ومعان، على حين يقضي قانون الأراضي بان كل من يحيي
أرضاً مواتاً تبعد عن القرى والدساكر مقدار ما يسمع الصوت فيها من أقصى العامر فهي له. ولقد رأينا كثيراً من