ثم ذهب إلى أبي بكر وقال: يا أبا بكر ألسنا على الحق؟ قال: بلى، قال أليسوا على الباطل؟ قال: بلى، قال: علام نعطى الدنية في ديننا؟! فماذا كان جوابه لعمر دون أن يسمع جواب النبي عليه الصلاة والسلام؟ قال: يا عمر اعرف قدرك إنه رسول الله ولن يضيعه الله فهذا كلام من مشكاة واحدة، اعرف قدرك من أنت لتفور لتثور؟ ، إن هذا رسول الله لا ينطق عن الهوى، يسدده في جميع أحواله، فأنا وأنت لا نعلم إلا الحاضر، لكن هذا رسول الله يوجهه من يعلم الغيب من يعلم السر وأخفى، فاعرف قدرك وقف عند حدك.
لو جاء بعد النبي عليه الصلاة والسلام خليفة غير أبي بكر، والله لطاشت عقول الصحابة وجنوا على قيد الحياة، ولم هذا؟
لأنهم أصيبوا بنبيهم عليه الصلاة والسلام، وهذه أعظم المصائب في الدين، المصيبة الثانية أنه قد جاءهم من ليس على طبيعته وبالتالي تغيرت عليهم الأمور من جميع الأحوال، فالنبي عليه الصلاة والسلام ذهب ثم جاء من لا يمثله تماماً، لا أقول عنده انحراف، حاشا وكلا أن يكون في أحد الصحابة انحراف، لكن شتان بين طبيعة أبي بكر وطبيعة غيره، فجاءهم أبو بكر، ولذلك يعتبر أبو بكر برزخاً، أي مثل الحياة البرزخية بين الدنيا والآخرة، فهو برزخ بين حياة النبي عليه الصلاة والسلام وبين الحياة التي جاءت بعد ذلك لتكون انتقالاً، وليخف عليهم أثر فراق النبي عليه الصلاة والسلام، فما فقدوا في عهد أبي بكر إلا شخص النبي عليه الصلاة والسلام، وأما الرعاية والتوجيه والحلم والشدة في موضعها كل هذا موجودٌ كما كان النبي عليه الصلاة والسلام فيهم.
المرحلة الثانية:
مباحث الإسراء والمعراج
المبحث الأول:
اتفق أهل الحق على أن الإسراء والمعراج كانا بروح النبي عليه الصلاة والسلام وبدنه يقظة لا مناماً دل على هذا ثمانية أمور، كلها حق مقبول:
الأمر الأول: