وقال أئمتنا: إن موسى على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه مظهر للجلال والفخر الإلهي، كما أن عيسى مظهر للجمال والنور الإلهي، ومحمد عليه صلوات الله وسلامه مظهر للكمال الإلهي فجمع الجلال وجمع الجمال فهو الضحوك القتال، يخفض جناحه للمؤمنين وهو بهم رؤوف رحيم، ويفلق هام الكافرين ويغلظ عليهم، وهو عليهم شديد عظيم، وهذا هو حال الكمال، أن تضع كل شيء في موضعه، أما أن تغلظ على المؤمنين وتشد عليهم فهذا في الحقيقة في غير محله، فهارون نبي من أنبياء الله المصطفين الأخيار، لما رجع نبي الله موسى على نبينا وعليهما صلوات الله وسلامه إلى قومه بعد مناجاة ربه وقد عبدوا العجل، ماذا فعل؟ أخذ بلحية أخيه هارون وبرأسه يجره إليه ويضربه، وحمل ألواح التوراة وألقاها حتى تكسرت، وقال هارون: ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي، لم تضربني إذا عبد بنو إسرائيل فماذا أفعل أنا؟ (لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي) ، أي أما خشيت أن نخاصمهم ونقاتلهم ثم تأتي وتقول: لقد عملت مشكلة في بني إسرائيل وفرقت بينهم، فانتظرت قدومك لأجل أن نبحث في أمرهم ونعيدهم إلى حظيرة الإسلام، وهذا جرى من موسى أي موسى وهو أكبر من هارون وله عليه دالة، ثم هو أعلى منه مكانه في النبوة، لكن هذا غضب وانفعال ودالة أخ على أخيه فهل هذا كمال؟ لا ليس بكمال، بل هو قهر وجلال.
وانظر إلى نبي الله عيسى على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه، فهو على العكس لم يرفع صوته قط على أحد، وحياته كلها حياة وسلم وصفح وُحلم ورحمة، فهذا جمال لكن انظر إلى الكمال كيف يضع الأمر في موضعه؟ (وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم) ، (جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليكم) ، يضع كل شيء في موضعه فهذا من الكمال.
من الذي حاز الكمال من الصحابة؟