والمسجد الحرام هو أول بيت وضع للناس كما قال الله تعالى: (إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدىً للعالمين) . بكة ومكة اسمان مترادفان، سميت بكة ومكة لأنها تبك وتمك رؤوس الجبابرة وتقسم ظهورهم وما أحد أرادها بسوء إلا عاجله الله بالعقوبة.
بك هو قطع العنق ودقه، وهكذا المك، بك ومك، وسميت ببكة وبمكة مأخوذ من المك يقال: إذا خرجت أمعاؤه ونفسه وروحه من كثرة الزحام، ولما يحصل فيها أيضاً زحام حول الطواف عند اجتماع الناس من كل فج عميق.
فإن قيل لها مكة وبكة لحصول الزحام فيها ولعقوبة الله لكل من أرادها بسوء.
والمسجد الحرام بمكة هو أول بيت وضع للناس يليه المسجد الأقصى، وبينهما أربعون عاماً كما ثبت في صحيح مسلم عن نبينا عليه الصلاة والسلام من حديث أبي ذر، ولا يشكلن عليك هذا الدليل وإياك أن تقول إن أول من بنى بيت الله الحرام إبراهيم وأول من بنى بيت المقدس داوود فليس الأمر كذلك. أول من بنى المسجد الحرام الملائكة ثم بنت بيت المقدس بعده بأربعين عاماً.
وهناك قول ثانٍ ولا يصح غير هذين القولين، أول من بنى المسجد الحرام آدم وآدم حج إلى بيت الله الحرام قطعاً وجزماً وهكذا جميع أنبياء الله ورسله كلهم حجوا بيت الله الحرام.
والبيت المعمور في السموات بعد ذلك هذا على حيال وعلى اتجاه الكعبة التي في الأرض تماماً، وهذا البيت – المسجد الحرام – كان موجود من عهد آدم إلى أن تقوم الساعة، كان يحجه ويزوره وآدم زار البيت وحج واعتمر وهكذا جميع أنبياء الله ورسله ثم بعض بنى آدم بني المسجد الأقصى وكان بينهما أربعون عاماً هذا كلام النبي صلى الله عليه وسلم وهو في صحيح مسلم ونص الحديث: [أول مسجد بنى المسجد الحرام قلت: ثم أي يا رسول الله؟ قال: المسجد الأقصى، قلت: كم كان بينهما؟ قال: أربعون عاماً] .
فقيل له أقصى لأن مسافته بعيدة عن المسجد الحرام.
(الذي باركنا حوله)