وقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي بن كعب رضي الله عنه [أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: أي آيات في كتاب الله أعظم؟ فقلت: آية الكرسي، فضرب النبي عليه الصلاة والسلام في صدري وقال: ليهنك العلم أبا المنذر] ومعنى ليهنك هنيئاً لك وأحسن على هذه الإصابة.

وفي آية الكرسي اسمان: الحي القيوم إذا سئل بهما أعطى وإذا دعي بهما أجاب.

وكان النبي عليه الصلاة والسلام – كما في سنن الترمذي وغيره – [إذا اجتهد في الدعاء يقول: يا حي يا قيوم] أي إذا دعا دعاءً يلح به وهو مهم فإنه يناجي ربه بهذين الاسمين: يا حي، يا قيوم.

وقد أوصى نبينا عليه الصلاة والسلام – كما في مستدرك الحاكم وعمل اليوم والليلة لابن السني بسند صحيح عن أنس رضي الله عنه [أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لابنته فاطمة ما يمنعك أن تقولي ما أوصيتك به، تقولين إذا أصبحت وإذا أمسيت يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث فأصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين] فهذا توسل إلى الله بحياته وقيوميته.

فحافظوا عليه صباحاً ومساءً، فإنه هدية من نبينا عليه الصلاة والسلام لبِضْعَتِه فلتأخذ به أنت وهذان الاسمان هما أصل لسائر صفاته، فكل صفة لله أصلها الحي أو القيوم.

فالصفات الذاتية بأسرها لا يثبت شيء منها لله إلا بعد ثبوت الحياة له جل وعلا، والصفات الفعلية بأسرها من الخلق والرزق والإحياء والإماتة والإعزاز والإذلال وما شاكلها لا تثبت لله إلا إذا ثبتت القيومية له.

فهو حي حياة كاملة فلا تأخذه سنة ولا نوم، ومن باب أولى لا يطرأ عليه فناء ولا يموت سبحانه وتعالى، وهو قيوم قائم بنفسه مقيم لشؤون غيره يدبر أمور عباده (أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015