.. وبذلك التفصيل تعلم أيها المسترشد – علمني الله وإياك – أن كل موطن ورد فيه مدح الإنسان والثناء عليه لاتصافه بالعقل، أو جاء فيه ذمه، والحط عليه لعدم اتصافه بالعقل فالمراد منه في الحالتين العقل بالاعتبار الثاني، وهو العقل المسموع، فاسمع ولا تكن من الغافلين، قال الله – جل وعلا –: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} العنكبوت43، وقال – تبارك وتعالى –: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ} آل عمران190، وقال – جل جلاله –: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} ص29، وقال – جل ثناؤه –: {إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ} الرعد19 والزمر 9، وقال تعالى شأنه: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّأُوْلِي النُّهَى} طه54 وقال – عز سلطانه –: {هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ} الفجر5، وقال – سبحانه وتعالى –: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} ق37 ففي جميع هذه الآيات الكريمات وقع الثناء على الإنسان باعتبار اتصافه بالعقل بالمعنى الثاني، وهو العقل المسموع، وجاء التعبير عنه باللب لكونه خالص ما في الإنسان من معانيه كاللباب واللب من الشيء، وأطلق عليه النُهْية لكونه ينهي عن القبائح، وسمي بالحِجْر لأن الإنسان في منع منه مما تدعو إليه نفسه (?) .